في الوقت الذي تهتز فيه مدينة ابن أحمد على وقع جريمة بشعة راحت ضحيتها أرواح بشرية قُطّعت أشلاؤها بدم بارد، تتجه الأنظار نحو مدينة الصخيرات، حيث تتكاثر بوادر أزمة اجتماعية وأمنية تهدد الساكنة في العمق، وقد تنذر بكارثة إن لم يتم التحرك العاجل.
جريمة ابن أحمد لم تكن مفاجئة لمن تابع سلوك المشتبه فيه منذ مدة، إذ عُرف باضطراباته النفسية الحادة وتهديده المتكرر للمواطنين بالسلاح الأبيض، دون أن يُتّخذ في حقه أي إجراء رادع رغم الشكايات المتعددة، نفس السيناريو بدأ يتكرر في الصخيرات، حيث تعرف المدينة تنامياً مقلقاً في عدد المشردين، بعضهم يعاني من اضطرابات نفسية واضحة ويتجول في الأزقة حاملاً عصياً أو حجارة، مرعباً المارة ومهدداً الأمن العام.
والأخطر من ذلك أن المدينة شهدت بالفعل اعتداءات خطيرة في وقت سابق، كان أبطالها أشخاصاً في وضعية التشرد ويُعانون من أمراض نفسية، حيث تعرّض عدد من المواطنين لاعتداءات جسدية مباشرة في الشارع العام، دون أن تترجم شكاياتهم إلى إجراءات وقائية جادة.
وفي ظل الترحيل الأخير لساكنة دور الصفيح نحو المدينة، تفاقمت الظاهرة بشكل لافت، وازدادت معها المخاوف من فقدان السيطرة، خصوصاً في محيط المساجد، حيث لم تسلم حتى بيوت الله من اقتحامات مقلقة، كما حدث في مسجد “أونيفا” الذي تعرّض فيه المصلون للتهديد من طرف أشخاص في حالة هستيرية، دون أي تدخل حاسم من الجهات المختصة.
اليوم، الكل يتساءل: هل تنتظر سلطات الصخيرات أن تستفيق على مأساة شبيهة بما حدث في ابن أحمد حتى تتحرك؟ أين هي المقاربة الوقائية؟ وأين هي البرامج الاجتماعية والإيوائية لهؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في الشارع بلا رعاية ولا توجيه ولا مراقبة؟
لقد آن الأوان لوقف هذا النزيف الأمني والاجتماعي، عبر تحرك ميداني يدمج بين العمل الأمني الحازم والتدخلات الصحية والنفسية، حتى لا يتحول الخوف من المجهول إلى واقع دموي جديد، حينها لن ينفع الندم.