أمينة ماء العينين تكتب: الحل لا يكمن في جعل الشباب خصما وهميا داخل الحزب

بعد دورة المجلس الوطني الأخيرة ، لازلت أتابع تفاعلات النقاش داخل الحزب، وهو ما يستدعي تسجيل ملاحظات تحتاج الى متابعة وتفكير:

– تسجل مجموعة من النخب التقليدية داخل الحزب (العدالة والتنمية) بطريقة مستمرة غضبها وامتعاضها من تفاعل شباب الحزب وحدة نقدهم لاختيارات وقرارات يعتبرون أنها غير سليمة، وقد تعددت المطالب بالتوقف عن التدوين والانتقاد خارج مؤسسات الحزب. هنا لابد من الإشارة الى أن المطالبين بوقف التدوين في مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل السريع، إنما هم واهمون لأن الزمن لا يعود للوراء، ولأن محاولة ضبط هذه الوسائل اختيار غير واقعي. ويظل البديل هو المزيد من التواصل ومحاولة إنتاج أطروحات مقنعة، مع استيعاب شباب الحزب الغاضب وعدم التفريط في طاقات وكفاءات كبيرة تتسم بالذكاء وقدر كبير من التسييس والتعبئة والانخراط، لمجرد تنامي السخط من طريقة تعبيرها عن آرائها.

– تتسع الهوة يوما بعد يوم بين جيل من قيادة الحزب تجاوز الستين والسبعين سنة، وبين شباب العشرينات والثلاثينات، وهو أمر وجب الانتباه إليه. فالتشبيب يعاني من حالة انسداد، كما أن عملية التنخيب وإعداد الخلف تعاني من أعطاب يكرسها النموذج التنظيمي الذي يحتاج الى مراجعة، ذلك أن تقييما بسيطا لنموذجنا التنظيمي الحالي يقودنا الى خلاصة تتكرر دائما: لا يوجد بديل عن فلان، ولا يوجد بديل عن فلانة…هذه الخلاصات تعكس حالة نفسية عامة لا علاقة لها بالواقع، لأن البديل موجود دائما. كما أن لا أحد لا يمكن تعويضه أو تعذر الاستمرار بدونه. النماذج التنظيمية والمسطرية الناجحة هي تلك التي تستطيع إفراز أكثر من بديل في الوقت نفسه، مع الدفع المستمر بالشباب لتعويض الشيوخ، فلا أحد يولد عارفا أو مجربا.

لابد من التذكير أن قيادات الحزب ” التاريخية” التي تدفع اليوم بتهور الشباب وصغر سنهم وعدم تجربتهم، هي نفسها التي قادت الحركة الاسلامية وهيئاتها وأذرعها الجمعوية، وقادت تحولاتها الفكرية والسياسية تجاه النظام وتجاه المجتمع وقضاياه الشائكة وهي في سن شابة بين العشرينات والثلاثينات.

أكرر دائما مازحة لمجموعة من أصدقائي الشباب الذين يتحدثون بنفس لغة ومنطق بعض شيوخ الحزب أن هؤلاء لم يتبنوا هذا المنطق إلا بعد مسار طويل، وبعد الوصول الى مواقع تفرض إكراهات غير مفروضة على هؤلاء الشباب الذين يُفترض أن يكون منطقهم وسلوكهم السياسي ومواقفهم السياسية مختلفة.

الخلاصة أن الحل لا يكمن في تبني منظور استئصالي تجاه الشباب الغاضب أو خلق العداوة معه وجعله خصما وهميا داخل الحزب، الحل يكمن في مقاربات استيعابية بالمعنى الايجابي، قوامها التواصل والانصات والنقد الذاتي والكثير من التواضع والاقرار بالأخطاء عند وجودها، ففي السياسة لا أحد منزه عن الأخطاء مهما كان موقعه ومهما كانت تجربته.

شخصيا، أحرص على مجالسة الكثير من شباب الحزب بطريقة منتظمة خارج الاطار التنظيمي الرسمي، علما أن الكثير منهم غير راض عن مسار الحزب واختيارات قيادته الحالية، وهو أمر اعتبره عاديا وديمقراطيا. أنصت إليهم وأستفيد منهم وأشعر بالكثير من الاعتزاز بوجود أمثالهم داخل الحزب.

Related Posts

التطبيع بين الواقع والمبدأ: حين تتحول السياسة إلى جسر للمساعدة الإنسانية

هوسبريس_خالد غوتي كثيرًا ما نصدر أحكامًا متسرعة على قرارات سياسية كبرى، لأنها لا تنسجم مع قناعاتنا أو مشاعرنا تجاه قضايا عادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومن هذه القرارات، قرار المغرب…

القضية المثيرة للجدل : الاعفاءات بوزارة الأوقاف . الحقيقة الضائعة !!!

    بقلم الدكتور سيدي علي ماء العينين اكادير، غشت 2025. كتب سيدي علي ماء العينين: أتابع بإهتمام كبير النقاش الدائر في الاوساط الدينية المغربية حول إقدام وزارة الأوقاف والشؤون…

اترك تعليقاً

You Missed

زلزال بالدرك الملكي.. إعفاء القائد الجهوي بالناظور يثير عاصفة من التساؤلات!.

زلزال بالدرك الملكي.. إعفاء القائد الجهوي بالناظور يثير عاصفة من التساؤلات!.

الجديدة.. الدرك البحري يُحبط مخطط سرقة قارب صيد لاستخدامه في الهجرة السرية.

الجديدة.. الدرك البحري يُحبط مخطط سرقة قارب صيد لاستخدامه في الهجرة السرية.

عامل اقليم سيدي بنور يشرف على إعطاء انطلاقة مجموعة من المشاريع بمناسبة الذكرى ثورة الملك والشعب.

عامل اقليم سيدي بنور يشرف على إعطاء انطلاقة مجموعة من المشاريع بمناسبة الذكرى ثورة الملك والشعب.

بوزنيقة :افتتاح معرض دار الضخامة النسخة الثانية.

بوزنيقة :افتتاح معرض دار الضخامة النسخة الثانية.

إقليم سيدي بنور: جماعة الجابرية تستفيد من برنامج توسيع شبكة الكهرباء.

إقليم سيدي بنور: جماعة الجابرية تستفيد من برنامج توسيع شبكة الكهرباء.

مهرجان “تيم آرتي” بتمارة.. نجاح جماهيري وتنظيم متكامل يعكس الوجه الثقافي للمدينة

مهرجان “تيم آرتي” بتمارة.. نجاح جماهيري وتنظيم متكامل يعكس الوجه الثقافي للمدينة