اليوم العالمي لحرية الصحافة 2019.. مناسبة لإبراز التحديات التي تواجهها مهنة المتاعب خلال الفترات الانتخابية

يشكل اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي تحتفل به دول المعمور في ثالث ماي من كل سنة، مناسبة لتقييم الإنجازات التي شهدها الحقل الإعلامي، وكذا وضعية حرية الصحافة وحماية استقلاليتها على المستوى العالمي، مع التركيز هذه السنة على التحديات التي تواجهها مهنة المتاعب خلال الفترات الانتخابية.

فقد اختارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسيكو) لليوم العالمي لحرية الصحافة 2019 شعار “الإعلام من أجل الديمقراطية: الصحافة والانتخابات في زمن التضليل الإعلامي”، بغية الوقوف على التحديات الراهنة التي تواجهها وسائل الإعلام في الفترات الانتخابية، وتسليط الضوء على دور وسائل الإعلام في تعزيز المسار الديموقراطي للدول.

وتعتبر اليونسيكو أن هناك ترابطا وثيقا بين الحق في الانتخاب والحق في حرية التعبير خلال الفترات الانتخابية، حيث ينبغي في الأنظمة الديمقراطية تمكين الناخبين من تحديد القضايا المدرجة على جداول الأعمال السياسية، والإدلاء بأصواتهم بحرية وبدراية كاملة بالسجلات والبرامج السياسية للمرشحين.

وبهذه المناسبة، شددت المديرة العامة لليونيسكو، السيدة أودري أزولاي، على ضرورة “ضمان حرية الرأي عن طريق إتاحة التبادل الحر للأفكار والمعلومات القائمة على وقائع حقيقية، في زمن تعلو وتشتد فيه نبرة الخطاب القائم على الارتياب وإساءة الظن بالصحافة وبالعمل الصحفي والرامي إلى نزع الشرعية عنهما”، مبرزة أن حرية الصحافة ت عد “الركن الأساسي للمجتمعات الديمقراطية”.

وأضافت السيدة أزولاي، في رسالة لها نشرت بمناسبة الاحتفال بهذا اليوم العالمي، أن “الظروف التي تسود عالمنا في الوقت الحاضر، والتي تتسم بالغليان السياسي، تنطوي على جميع أنواع مخاطر الاستغلال وتقترن بممارسات ترمي إلى إعاقة العمل الصحفي والحيلولة دون اضطلاع الصحفيين بعملهم بحرية”، موضحة أن هذه الممارسات تضم على سبيل المثال “التحرش بالصحفيين ومضايقتهم وتوقيفهم توقيفا تعسفيا، وحتى قتلهم”.

كما أشارت إلى أن “مرصد اليونيسكو لجرائم قتل الصحفيين قد أحصى 99 جريمة قتل لصحفيين في عام 2018″، مسجلة أن مجموع جرائم قتل الصحفيين التي أحصاها المرصد خلال الفترة الممتدة من 1994 إلى 2018 بلغت 1307 جرائم.
واعتبرت المديرة العامة لليونيسكو أن “الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين تشكل تهديدا لكل المجتمعات، ويفرض علينا توخي الحيطة والحذر في جميع الأحوال والأوقات”، داعية إلى تضافر الجهود الدولية من أجل الدفاع عن حرية التعبير وضمان سلامة الصحفيين. وأضافت السيدة أزولاي أنه “لا يمكن أن يصلح أمر أية ديمقراطية بدون وجود وسائل إعلام حرة وتعددية ومستقلة”، موضحة أن “الصحافة المستقلة تتيح إطلاع المواطنين على الوقائع الحقيقية وتمكنهم من تشكيل آرائهم”.

وسجلت أن حرية الصحافة “تضمن وجود مجتمعات تسودها الشفافية، ويستطيع كل فرد من أفرادها الاطلاع على المعلومات”، مضيفة أن “الصحافة المستقلة تقوم بتحليل أمور وقضايا العالم وتتيح للناس كافة، الوقوف على تلك الأمور والقضايا وفهمها، وتعمل كذلك من أجل تنوع الآراء”. وفي ختام رسالتها، دعت المديرة العامة لليونيسكو الدول الأعضاء في المنظمة، وكذلك المجتمع المدني والمنظمات المهنية، إلى الاحتفال بحرية الصحافة وبالحق في الحصول على المعلومات بوصفهما ركنين أساسيين لأي مجتمع ديمقراطي.

وبالنسبة للمغرب، يشكل الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة مناسبة للوقوف على منجزات البلاد في هذا المجال، وذلك من خلال استحضار المكتسبات الدستورية المرتبطة بتعزيز الحقوق والحريات بشكل عام، وما تحقق في مجال حرية الصحافة من مكاسب هامة على وجه الخصوص، حيث لا يمكن تصور ديمقراطية حقيقية وراسخة بدون صحافة حرة ونزيهة، وأيضا بدون ضمان الحق في الوصول إلى المعلومة.

فقد حظي قطاع الصحافة والإعلام بالمغرب باهتمام كبير خلال السنوات الأخيرة، وهو ما جسدته التوجيهات السامية التي تضمنتها عدد من خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي دعت إلى النهوض بقطاع الصحافة وتطويره، وكذا المكانة المتميزة التي منحها دستور 2011 لحرية الصحافة، فضلا عن المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب كي يتبوأ القطاع مكانة مهمة في مجتمع يؤمن بالقيم وتكريس الديمقراطية على كافة المجالات والأصعدة.

ويتجلى الاهتمام الكبير التي تحظى به مهنة المتاعب في المغرب عبر انخراط الجميع من حكومة ومجتمع مدني ومواطنين، لتعزيز هذه الحرية والحفاظ على تعددية الإعلام وضمان تحديث القطاع، الذي يمثل إحدى دعامات مشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي.

ويحتل النهوض بقطاع الصحافة والإعلام الوطني مكانة مشرفة ضمن البرامج الحكومية، وأولوية ضمن اهتمامات السلطات العمومية، انسجاما مع الخيارات الديمقراطية للمملكة ، والإرادة المشتركة لتكريس ثقافة حقوق الإنسان وحرية الولوج إلى المعلومة كما يكرسها الدستور باعتبارها أحد الحقوق والحريات الأساسية لجميع المواطنين.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت عن هذا اليوم العالمي في عام 1993، وذلك بعد التوصية التي اعتمدتها الدورة السادسة والعشرون للمؤتمر العام لليونيسكو سنة 1991.

اترك تعليقاً