هل تخلت الحكومة عن طموح المقاول الذاتي؟

 


منذ حوالي شهر سقطت المنصة الإلكترونية للمقاول الذاتي (https://rn-ae-gov-ma/login ضع نقطة بدل -) وأصبحت غير متاحة. علما أن هذه المنصة هي التي يستعملها المقاولون الذاتيون الذين فاق عددهم 130 ألف للتصريحات والأداءات الضريبية!.. وإلى حدود الساعة لا يبدو أن هناك إرادة لصيانة المنصة وإعادة تشغيلها من قبل الجهة المختصة.
إذا أضفنا إلى ذلك أن معالجة العديد من طلبات الحصول على صفة المقاول الذاتي لا زالت متعثرة وأن بعضها ينتظر منذ أزيد من شهور، رغم أن الحكومة حددث أجل معالجة هذه الملفات، والرد بالقبول أو الرفض، في ظرف 15 يوما على الأكثر… فضلا عن الإجراءات الضريبية الجديدة مع بداية العام الحالي، والتي فرضت اقتطاع 30% من المنبع من رقم معاملات المقاول الذاتي…. كل ذلك يؤشر على أن هناك ربما إرادة لخنق هذا الإطار القانوني لتحفيز التشغيل الذاتي وخلق القيمة ونقاط النمو للاقتصاد المغربي.

فلسفة المقاول الذاتي:

الحكماء الذين ابتكروا هذا المفهوم انطلقوا من ملاحظة أن العديد من الأشخاص يتوفرون على كفاءات يمكن أن يستغلوها في إطلاق مشاريع، لكنهم لا يتوفرون على قاعدة قانونية ومادية ملائمة. لذلك فكروا في هذا الإطار: وضعية قانونية بسيطة إلى أقصى حد لخلق مقاولة ذاتية للتشغيل الذاتي على أساس تلك الكفاءة مع تسهيلات ضريبية. ومع المدة يمكن للمقاول الذاتي أن يطور كفاءاته وأدائه في السوق، ويصبح قادرا على المرور إلى المرحلة الثانية، وهي خلق شركة مساهمة أم شركة محدودة المسؤولية وتشغيل أشخاص آخرين.

التجربة المغربية:

في المغرب يبدو أن إطار المقاول الذاتي هو مجرد احتيال على مقاولي القطاع المهيكل. كما أن الحدود التي وضعت له، والتي زاد من تضييقها النظام الضريبي الجديد، لا تسمح للمقاول الذاتي ببناء قاعدة صلبة والتطور بشكل طبيعي ليصبح مقاولة عصرية ومشغلة. فقد وضعت الحكومة سقفا قصيرا جدا بالنسبة لرقم المعاملات، خصوصا في قضاع الخدمات (20000 درهم)، لا يسمح بحدوث التراكم الضروري لا في التجربة ولا في الرأسمال للمرور للمرحلة الثانية. علما بأن قطاع الخدمات هو الأكثر تشغيلا والأسرع نموا في الاقتصاد الوطني. ويأتي الإقتطاع من المصدر ليخنق المقاول الذاتي الذي تمكن من تحقيق بعض النجاح واكتساب ثقة أول زبون كبير يمكن أن يشكل قاعدة لانطلاقه. وبما أن المقاولين الذاتيين، رغم عددهم الكبير، لا يشكلون لوبيا للضغط على الحكومة كغيرهم، فإن مصيرهم في الحكومة والبرلمان خلال مناقشة قانون المالية كان هو الحكرة، مقارنة مع مهن أكثر تنظيما وغنى.

طموح اقتصادي وآفاق واعدة

تصوروا 130 ألف مقاول ذاتي، أن يتمكن 5% فقط من هؤلاء من التطور خلال الخمس سنوات القادمة وإعطاء شركات تشغل ما بين 5 إلى 10 أشخاص على الأقل، وقد يصبح بعضها مقاولات مصدرة… كم سيكسب الاقتصاد الوطني من نقاط النمو؟ التضييق على هذه الفئة وإهمالها خنق لهذا الطموح. حتى لو كان مجرد حلم وأمل. فما أحوج بلادنا للأمل.

باحث اقتصادي

اترك تعليقاً