بعدما توالى الضغط على حكومة أخنوش وأغلبيته بسبب الغلاء الفاحش في أسعار المواد الأسياسية والغذائية، تستعد الأغلبية الحكومة لعقد اجتماع لها، بحثا عن حل للمأزق الذي سقطت فيه هذه الحكومة أمام المغاربة.
وأعلن حزب التجمع الوطني للأحرار أنه “أخذ علما بالقرار المشترك للحزب رفقة باقي الأحزاب المشكلة لها، بعقد اجتماع لمكوناتها في غضون الأيام القليلة المقبلة”.
المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار اشار إلى ان اجتماع الأغلبية الحكومية المرتقب يروم “مناقشة مستجدات الساحة الوطنية والدولية، وخاصة ما يتعلق بتداعيات المتغيرات والتطورات الداخلية والخارجية على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد”.
واهتدت أغلبية أخنوش، المكونة من حزب أخنوش بالإضافة إلى حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، إلى الدعوة لاجتماع الأغلبية تحت ضغط الشارع الذي بات على وشط “الانفجار” جراء الغلاء الفاحش وانهيار القدرة الشرائية للمغاربة أمام عجز الحكومة على ابداع الحلول والتدخل لمنع أسباب هذا الغلاء.
وقال المكتب السياسي لحزب الحمامة، إنه “التفاعل مع الرسالة المفتوحة لحزب التقدم والاشتراكية، عبر رسالة جوابية، في إطار التفاعل والاحترام المتبادل بين الأحزاب السياسية، وتكريسا لفلسفة الحزب في النقاش والإنصات لمختلف الآراء والأفكار والمقترحات، سيرا على نهج آبائه المؤسسين.
وكان حزب التقدم والاشتراكية وجه رسالة مفتوحه إلى عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، على خلفية غلاء الأسعار والتدهور الخطير للقدرة الشرائية للمغاربة.
وسجل المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في الرسالة بقلقٍ بالغ، الاستخفاف الذي يطبع تعاطي حكومتكم اللامبالي واللامسوؤل مع الغلاء الفاحش، الذي لا يُـــطاق، لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، بما يؤدي إلى تعاظُم الغضب وتصاعد الاحتقان شعبيًّا، وبما يهدد السلم الاجتماعي.
واستنكر الحزب صمت حكومة أخنوش ووقوفها موقف المتفرج إزاء هذه الأوضاع التي تمس كل الفئات الاجتماعية، وأساساً ذوي الدخل المحدود والفئات المعوزة والمستضعفة والفئات الوسطى. كما يحذر من تواتر خيبات المغربيات والمغاربة تُجاه التطمينات الشفوية وتعبيرات الارتياح التي تُطلقها الحكومة ويُفَنِّدها الواقع المعيش وكذا إصدارات بنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمندوبية السامية للتخطيط، والتي تنبه إلى دقة الأوضاع واتساع رقعة الفقر.
ونبه المصدر الحكومة إلى “ضرورة تَحمُّلِ مسؤولياتها كاملةً حُيالَ الوضع الاجتماعي المقلق، والتخلي نهائيا عن خطاب تبرير الوضع بالتقلبات الدولية، والاختباء وراء الظروف المناخية، والتحجج الـــــمُـــغالِــط بإرث الحكومات السابقة التي كان حزبُكم مكونا أساسيا فيها متحملاً لحقائب أهم القطاعات المالية والاقتصادية والإنتاجية”.
وأكد على أنَّ “مرور سنةٍ ونصف تقريباً من عمر حكومتكم، دون اتخاذها إجراءاتٍ قوية وفعلية لحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، ولمقاومة صعوبات الظرفية، هو العامل الرئيسي في المعاناة القاسية التي يعيشها المغاربة اليوم مع الغلاء التاريخي وغير المسبوق للأسعار منذ عقود”.
وأشارت قيادة حزب “الكتاب” إلى أن الحكومة تنكرت، بشكلٍ يكاد يكون تاماًّ، للنموذج التنموي الجديد الذي أعلنته مرجعاً لها. وذَكر اخنوش بأن حكومته أخلفت، إلى الآن، تنفيذ معظم التزاماتها الواردة في التصريح الحكومي، ومنها: دخلُ الكرامة؛ والزيادة في أجور نساء ورجال التعليم؛ وتوسيع رقعة الطبقات الوسطى؛ وتحقيق 4% كنسبة نمو؛ وإحداث 200 ألف منصب شغل قار سنويا؛ والرفع من معدل الشغل لدى النساء؛ وتنفيذ الإصلاح الجبائي؛ وإخراج مليون أسرة من وضعية الفقر؛ وغيرها كثير من الالتزامات.
وطالب حزب علي يعتة حكومة أخنوش “بالتحرك العاجل والناجع، من خلال الإعلان عن مخطط دقيق وشامل، والذي لا يمكن أن يعتمد فقط على تعديلاتٍ في السياسة النقدية أبانت عن محدودية آثارها، ولا على ترك التضخم المفرط يستمر من غير مقاومة ولا إجراءات مضادة تحمي القدرة الشرائية للمغاربة. ويتعين أن يُمَكِّنَ هذا المخطط من التصدي الجدي للتدهور المطرد للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وذلك بالنظر إلى المؤشرات والمعطيات الرسمية المقلقة، ولا سيما منها ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ب 10,1% خلال شهر فبراير 2023. أساساً بسبب ارتفاع أثمان المواد الغذائية ب 20,1%؛ وتوقعات بلوغ التضخم نسبة 5.5% هذه السنة بعد بلوغه 6.6% السنة الماضية؛ وكذا فقدان الاقتصاد الوطني لنحو 24 ألف منصب شغل وإفلاس نحو 12400 مقاولة خلال سنة 2022؛ وتراجع توقعات نسبة النمو برسم سنة 2023 إلى 2.6% فقط؛ والدخول الإضافي لملايين المغاربة ضمن عتبة الفقر والهشاشة، ليس فقط من جراء تداعيات جائحة الكوفيد، ولكن أيضاً بسبب غلاء كلفة المعيشة”، وفق تعبير الرسالة المفتوحة.
ولفت ذات الرسالة إلى ضرورة “استعمال مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة التي تتيح للحكومة التسقيف المرحلي لأسعار المواد التي تشهد ارتفاعاً فاحشاً”، و”إعمال مراقبة حقيقية للسوق الوطنية، ومعالجة اختلالات سلاسل التسويق، والزجر الصارم للممارسات الفاسدة لبعض كِبارِ الوسطاء والمضاربين والمحتكرين، عوض التركيز على المراقبة الشكلية لتجار التقسيط المستضعفين”.
وشدد حزب نبيل بنعبد الله على ضرورة “إجراء تقييمٍ فوري لدعم أرباب النقل الذي ليس له وقعٌ إيجابي ملموس”، و”دعم القدرة الشرائية للمغاربة، من خلال التوظيف الاجتماعي الأمثل للمداخيل الإضافية والاستثنائية المهمة المتأتي أغلبها من ارتفاع الموارد الضريبية، وتقديم الدعم المباشر للأسر الفقيرة، وإعمال دخل الكرامة للمسنين والزيادة في دخل الأجراء الصغار والمتقاعدين”.
ودعا إلى “استخدام الآليات الجمركية، وكذا الجبائية على مستوى الإنتاج والاستهلاك (الضريبة على القيمة المضافة TVAورسوم الاستهلاك الداخلي TIC)، وذلك بغاية خفض الأسعار”، و”ضبط سوق المحروقات، وتنقيته من تضارب المصالح، ومن كافة الممارسات والتواطؤات المنافية للشفافية والنزاهة، والتدخل لضمان انخفاض أسعار المحروقات عند الاستهلاك بما يتناسب فعليا مع انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، مع التضريب المناسب للأرباح الفاحشة التي تجنيها شركات توزيع المحروقات، وإيجاد حل عملي وبنَّاء من أجل إعادة تشغيل لاسامير”.
وكما طالب الحزب “بالإخراج السريع للنصوص التنظيمية من أجل تمكين مجلس المنافسة من القيام بدوره كاملاً في مجال مراقبة الأسعار ومحاربة المضاربات والاحتكار غير المشروع والادخار السري للسلع”، و”إعطاء الأولوية للأمن الغذائي الوطني. مع ما يستلزمُهُ ذلك من تقييمٍ سريع، موضوعي وجريء، لنتائج مخطط المغرب الأخضر، ومراجعةٍ عميقة لمخطط الجيل الأخضر وللسياسات الفلاحية المعتمِدة الآن أكثر على الإنتاج الموجَّه للتصدير”.
رسالة التقدم والاشتراكية نفسها التي تفاعل معها حزب الحمامة وليس رئيس الحكومة، نبهت إلى ضرورة “اتخاذ التدابير اللازمة، كما ورد بعضها في وثيقة النموذج التنموي الجديد، من أجل إقرار شروط الحكامة الجيدة والتكامل والالتقائية والتعاون بين مختلف المؤسسات الوطنية، ومن أجل الإعمال الحقيقي لدولة القانون في المجال الاقتصادي، ومكافحة الريع والفساد والاحتكار غير المشروع، بغاية توفير الأجواء المناسبة لجلب الاستثمار وإحداث مناصب الشغل”.