مصطفى سلمى يكتب: موريتانيا ورقة الجوكر في حرب الصحراء الجديدة

مصطفى سلمى ولد سيدي مولود

موريتانيا المنهكة بسبب حرب الصحراء، اضطرت سنة 1984 للاعتراف بالجمهورية الصحراوية بعد ان احرجها المغرب بوصول حزامه الدفاعي الى الحدود الموريتانية قرب بلدة بير ام اغرين، ما وضعها في حرج مواجهة مع قوات البوليساريو التي اصبحت مجبرة على المرور من الاراضي  الموريتانية لضرب القواعد المغربية جنوب الصحراء او اثناء انسحاباتها من عمليات الكر و الفر  في حرب العصابات التي كانت تشنها الجبهة ضد المغرب.

الاعتراف يعطي لموريتانيا حق ابرام الاتفاقيات مع الجمهورية الصحراوية (الوهمية). فلم ترد موريتانيا حينها ان تمارس دور الشرطي نيابة عن المغرب و تدخل في مواجهة مع قوات البوليساريو، و لم يكن في امكان المغرب ان يفتح جبهة جديدة مع موريتانيا لتنضم لحلف البوليساريو و الجزائر.

اليوم نفس السبب: وجود شطر من الحزام الدفاعي المغربي على الحدود الموريتانية قرب بلدة بير ام اغرين شمال موريتانيا، يجعل من موريتانيا أهم ورقة رابحة للطرفين في أي حرب جديدة. خاصة و أن موريتانيا 2020 ليست هي موريتانيا سنة 1984. و المعادلات الدولية و الجيو استراتيجية لم تعد هي. لذلك من الطبيعي ان يحاول كل طرف أن يكسبها في صفه.

و في هذا الاطار تأتي خطوة المغرب الحالية،  برفع مستوى العلاقات بين البلدين لأعلى مستوى، بعد ان كان يطبعها نوع من الجفاء و التوجس.

كلا البلدين في حاجة الى طمأنة الآخر حول أمنه القومي. فموريتانيا بعد وصول الحزام الدفاعي المغربي الى الحدود مع مدينة نواذيبو، و حيث لم تعد تفصل بين المغرب و لكويرة التي تتقاسم نفس شبه الجزيرة مع العاصمة الاقتصادية لموريتانيا أية منطقة عازلة. تحتاج تطمينات من المغرب حول عدم منافستها اقتصاديا في تلك المنطقة، و تحتاج الى ضمانات بعدم مبادرة المغرب الى استغلال منطقة لكويرة في الوقت الراهن، و هو امر لا يستطيع المغرب رفضه مقابل استمرار تدفق تجارته عبر معبر الكركرات نحو افريقيا. و هذا الاتفاق ليس منة فهو اتفاق ضرورة، لان حاجة المغرب للمعبر لا تقاس بحاجته الى منطقة لكويرة. لذلك تحتاج موريتانيا ثمنا اكبر من المغرب مقابل ان تمارس دورها السيادي على كامل اراضيها و تمنع استغلالها من طرف قوات البوليساريو. و الثمن ليس بسيطا،  لأن المطلوب ليس بسيطا. فإذا ما منعت موريتانيا قوات البوليساريو من استغلال اراضيها، فستفقد البوليساريو اغلبية المناطق شرق الحزام،  لانها لن تكون قادرة على الوصول اليها.

في الجهة الاخرى جبهة البوليساريو لا غنى لها عن الاراضي الموريتانية للعبور من شمال الصحراء المحاذي لقواعدها في تيندوف الى جنوبها الذي يحول بينها و بينه الحزام الدفاعي المغربي. و هنا ستتحول الانظار الى ما ستقدمه الجزائر من اغراءات لموريتانيا مقابل استمرار الاتفاق العرفي القديم الذي كان يسمح لقوات البوليساريو بعبور الاراضي الموريتانية.

ماهو أكيد، هو أن موريتانيا تمتلك الورقة الرابحة في حالة اندلاع حرب جديدة في الصحراء، و ستظهر قوة الديبلوماسية الموريتانية في مساومة اطراف النزاع و ضمان مصالح موريتانيا. و ما كان يسمى بالحياد في موريتانيا سيتغير مفهومه و مضمونه، حسب مكاسب موريتانيا من مساوماتها مع اطراف النزاع. فلم تعد هي الحلقة الاضعف في الوقت الراهن، لانها تتحكم في عبور تجارة المغرب نحو افريقيا، و تتحكم في عبور قوات البوليساريو في حالة الحرب. و ما كان حرجا و نقمة في سنة 1984 اصبح نقمة وورقة تفاوضية رابحة لدى موريتانيا.

اترك تعليقاً