مصطفى سلمى يكتب: مآلات حرب الصحراء الثانية

مصطفى سلمى ولد سيدي مولود ( من الرشيف)

 

ما اعلنته جبهة البوليساريو من عودة الى الحرب، لحد الساعة لم يتعد كونه تهديد،  فاغلب عمليات القصف التي قامت بها ضد الحزام الدفاعي المغربي كانت في وضح النهار و باستخدام الاسلحة الرشاشة،  في الغالب عديمة الفعالية ضد المواقع المحصنة.

و لم تطلب من مراقبي الامم المتحدة و لا من سكان الأرياف في المناطق شرق الحزام اخلاء المنطقة.

تريد جبهة البوليساريو الابقاء على شعرة معاوية مع الامم المتحدة، من خلال عدم الجنوح الى تصعيد خطير، بعمليات عسكرية كبيرة ضد الجيش المغربي تستدعي ردا مغربيا قويا سيضطر مراقبي بعثة المينورسو للمغادرة، و بالتالي فتح النزاع على المجهول في وقت لم تقف فيه الجزائر بعد على أرجلها من أزمتها السياسية و الاقتصادية.

غاية جبهة البوليساريو،  هي أن تعود الى طاولة المفاوضات مع المغرب دون العودة لوقف اطلاق النار،  حتى تضطر الامم المتحدة الى الاسراع بالعملية السياسية.

المغرب الذي حقق ما يريده في الظرف الراهن بتأمين طريق صادراته مع غرب افريقيا من خلال مد الحزام الدفاعي الى الحدود الموريتانية، يعي كل هذه المعطيات و لن يقبل التفاوض قبل ان تعلن البوليساريو العودة للالتزام بوقف اطلاق النار. و لن يقبل التراجع عما حققه في الكركرات.

و بالتالي قد يطول عمر الازمة الحالية ما لم تدعم الجزائر جبهة البوليساريو بصواريخ بعيدة المدى تضرب العمق المغربي و ليس الحزام الدفاعي، و خاصة ما يهدد الحركة عبر معبر الكركرات. ما يعني مواجهة مباشرة بين المغرب و الجزائر.

و في مطلق الاحوال لن ينتهي نزاع الصحراء الا بمواجهة مغربية جزائرية، إن على طاولة المفاوضات او بالحرب. و بالتأكيد في ظل الازمة العالمية الراهنة لا تملك الجزائر و لا المغرب موارد تمويل حرب بحجم البلدين، و من الصعب ان تسمح الدول الكبرى و خاصة اوروبا بمواجهة عسكرية مغربية جزائرية لما ستلحقه من ضرر على أوروبا نفسها و على التجارة الدولية.

و بالتالي، اعلان البوليساريو العودة الى الحرب لا يعدو كونه مجرد وقت مستقطع في نزاع الصحراء الذي لا يوحي أي مؤشر بأنه سينتهي قريبا. او جرعة تصعيد لانعاش نزاع كاد يموت و ما تزال الحاجة اليه محليا و اقليميا و دوليا.

و الخاسر الاكبر هم سكان المخيمات كما كانوا. فالحرب الحالية تخدم قيادة الجبهة التي تهالك رصيدها حتى فقدت كل مصداقية ..و السلطة في الجزائر بعد احراج الاستفتاء على الدستور كانت بحاجة الى ازمة خارجية تلهي الشارع الجزائري حتى تمرر مشروعها. و بحاجة الى إعادة شحن سكان المخيمات بعد ان سئموا الانتظار. فقضية الصحراء تبقى ذريعة للجزائر لاستمرار غلق حدودها مع المغرب حتى تهيكل اقتصادها و تصبح قادرة على المنافسة في محيطها، و الى حينه هي ايضا عامل استنزاف للمغرب حتى لا يتقوى على حساب الجزائر.

و المغرب أمن صادراته نحو افريقيا، و استكمل ضم الصحراء النافعة خلف حزامه الدفاعي و باتت حدوده متصلة من طنجة الى لكويرة، بعد ان كانت تفصلها منطقة عازلة.

و بالنسبة للدول الكبرى، فنزاع الصحراء هو نقطة ضعف الجزائر والمغرب، و استمراره يعني استمرار امكانية لي ذراع البلدين و مساومتهما.

Related Posts

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

شاركت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، على رأس وفد مغربي في قمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة لدول مجموعة العشرين، المنعقدة يومي 24 و25 يونيو 2025 بمدينة جوهانسبورغ،…

الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا يؤكد دعم منظمته لسيادة المغرب ووحدته الترابية.

الرباط – عبّر الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، كاو كيم هورن، عن دعم منظمته الثابت لاحترام سيادة المملكة المغربية ووحدتها الترابية، وذلك خلال زيارة عمل رسمية يقوم…

اترك تعليقاً

You Missed

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يرسخ موقعه كمركز استراتيجي لدمج الغاز العائم في التحول الطاقي.

المغرب يرسخ موقعه كمركز استراتيجي لدمج الغاز العائم في التحول الطاقي.

إيران تعتذر لقطر: الهجوم على “العديد” لم يستهدفكم.

إيران تعتذر لقطر: الهجوم على “العديد” لم يستهدفكم.

ترمب: دمرنا منشآت إيران النووية كما فعلنا بهيروشيما… وأنهينا الحرب.

ترمب: دمرنا منشآت إيران النووية كما فعلنا بهيروشيما… وأنهينا الحرب.