هوسبريس: (أ ف ب)
أصدر روح الله الخميني فتوى بإهدار دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي بسبب كتابه “آيات شيطانية” الذي اعتبر مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران أنه أساء للإسلام.
وفي الفتوى، حض الخميني “مسلمي العالم على المسارعة إلى إعدام المؤلف وناشري الكتاب” حتى “لا يجرؤ أحد بعد ذلك على إهانة مقدسات الإسلام”.
وأضاف الخميني، الذي كان يبلغ من العمر 89 عاما آنذاك وتوفي بعد أربعة أشهر فقط من اصداره الفتوى، أن أي شخص يقتل أثناء محاولته تنفيذ عقوبة الإعدام بحق رشدي سيعد “شهيدا” ومصيره الجنة.
وتم تحديد مكافأة قدرها 2,8 مليون دولار لمن يقتل الكاتب.
منحت الحكومة البريطانية فورا حماية أمنية لرشدي، وهو ملحد ولد في الهند لأبوين مسلمين لا يمارسان فروض الإسلام.
وعلى مدى نحو 13 عاما، تنقل بين مساكن سرية متعددة تحت اسم مستعار هو جوزف أنطون، بحيث غير مكان إقامته 56 مرة خلال الأشهر الستة الأولى.
وكتب في مذكراته في 2012 تحت عنوان “جوزف أنطون” “أنا مكمم ومسجون (…) لا يمكنني حتى الحديث. أريد أن أركل كرة في حديقة مع ابني. حياة عادية مملة: هذا هو حلمي المستحيل”.
نشرت دار “فايكنغ بنغوين” كتاب “آيات شيطانية” في سبتمبر 1988 وسط إشادة من النقاد.
وتدور أحداث الرواية بين لندن في عهد رئيسة الوزراء السابقة المحافظة مارغريت تاتشر ومكة.
وتروي قصة الهنديين جبريل وصلاح الدين اللذين انفجرت طائرتهما المخطوفة فوق بحر المانش.
ويظهر بطلا الرواية مجددا على شاطئ في بريطانيا حيث يخالطان المهاجرين في لندن فيما تتوالى فصول الأحداث بتسلسل سريالي يعكس أسلوب رشدي في الفانتازيا.
واعتبر كثير من المسلمين أن الكتاب يتضمن تجديفا وتطاولا على المقدسات في أجزاء كثيرة منه بينها استخدامه لآيات يشير البعض إلى أنها وردت في نسخة قديمة من القرآن وحذفت لاحقا. وتسمح هذه الآيات بالصلاة لثلاثة آلهة وثنية، وهو ما يتناقض مع فكر التوحيد الذي يشكل جوهر الإسلام.
وبشكل مثير للجدل، يكتب رشدي عن دور نبي يشبه محمد.
وفي الرواية، يخدع هذا النبي لإبرام صفقة مع الشيطان يتخلى عبرها عن التمسك بعقيدته القائمة على التوحيد من أجل الآلهة الثلاثة قبل أن يكتشف خطأه.
وأصر الخميني وغيره على أن رشدي كان يصور النبي محمد بشكل غير لائق في روايته.
وبعد شهر، هاجم آلاف الباكستانيين مركز معلومات أميركيا في إسلام أباد هاتفين “كلاب أميركيون” و”اشنقوا سلمان رشدي”. وردت الشرطة بإطلاق النار ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص.
وأثارت فتوى الخميني الذعر في أنحاء الغرب.
وخرجت تظاهرات في أوروبا بينما قطعت لندن وطهران العلاقات الدبلوماسية لنحو عامين.
وفي الولايات المتحدة، نظم مؤلفون على غرار سوزان سونتاغ وتيم وولف محاضرات عامة لدعم رشدي.
أما الكاتب فحاول تفسير موقفه عام 1990 في مقال تحت عنوان “بنية حسنة” لكنه لم ينجح في استرضاء كثير من المسلمين.
بدأ رشدي بالخروج تدريجيا من حياة التخفي في 1991 لكن مترجمه الياباني قتل في يوليو من العام ذاته.
وبعد أيام، تعرض مترجمه الإيطالي للطعن قبل أن يتعرض ناشره النروجي لإطلاق نار بعد عامين، رغم أنه لم يتضح إن كانت الهجمات استجابة لفتوى الخميني.
وعام 1993، أحرق متظاهرون إسلاميون فندقا في سيواس بوسط تركيا حيث كان الكاتب عزيز نيسين — الذي سعى لترجمة الرواية إلى اللغة التركية — موجودا. ونجا الكاتب لكن 37 شخصا لقوا حتفهم.
وفي 1998، طمأنت حكومة الرئيس الإيراني الإصلاحي آنذاك محمد خاتمي بريطانيا الى ان الجمهورية الإسلامية لن تطبق الفتوى.
لكن خليفة الخميني، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، أعلن في 2005 أنه لا يزال يعتقد أن رشدي مرتد يتيح الإسلام قتله.
وأعرب كثير من المسلمين عن غضبهم إثر منح الملكة إليزابيث الثانية في 2007 لقب “فارس” لرشدي للخدمات التي قدمها في مجال الأدب.
واتهمت إيران بريطانيا بـ”كراهية الإسلام”، مؤكدة أن الفتوى لا تزال قائمة بينما خرجت تظاهرات واسعة خصوصا في باكستان.
وبحلول تلك الفترة، كان رشدي يعيش بشكل منفتح نسبيا في نيويورك التي انتقل إليها في أواخر التسعينات وحيث تدور أحداث رواياته الأخيرة.
وبعدما عاش لسنوات في الظل، تحو ل إلى شخصية بارزة بينما يراه كثيرون في الغرب بطلا مدافعا عن حرية التعبير.