هروب الجنرال عبد القادر حداد إلى إسبانيا.. ضربة موجعة للنظام العسكري الجزائري.

هوسبريس_خالد غوتي

أكدت مصادر رسمية إسبانية نجاح الجنرال الجزائري عبد القادر حداد، الملقب بـ“ناصر الجن”، في الفرار من الجزائر عبر البحر الأبيض المتوسط على متن قارب سريع في الساعات الأولى من فجر ما بين 18 و19 شتنبر الجاري، ليصل إلى ساحل كوستا بلانكا بمدينة أليكانتي الإسبانية، مكذبًا بذلك الأنباء التي تحدثت عن إلقاء القبض عليه.

ويعد حداد، الذي تولى قيادة المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI) سنة 2024، واحدًا من أبرز الوجوه العسكرية الجزائرية، غير أن عزله المفاجئ من منصبه قبل أربعة أشهر، ثم نقله بين سجني البليدة وبشار، قبل وضعه تحت الإقامة الجبرية في فيلا بحي دالي إبراهيم الراقي بالجزائر العاصمة، أثار الكثير من الجدل، وكان من المقرر أن يمثل أمام القضاء بتهم لم يُكشف عنها، قبل أن يقرر الهروب إثر تلقيه، حسب تصريحه، معلومات عن خطة لتصفيته جسديًا وإظهار وفاته على أنها انتحار.

الجنرال الهارب، الذي يملك عقارات بإسبانيا، سبق أن لجأ إلى أليكانتي في أواخر العقد الماضي فرارًا من حملات التطهير التي قادها الجنرال الراحل أحمد قايد صالح ضد جهاز المخابرات (DRS) بقيادة الجنرال محمد مدين.

ارتباك داخل الجزائر

فرار حداد أثار عاصفة في الجزائر، حيث سارعت السلطات إلى إطلاق عملية أمنية واسعة سُمّيت بـ“القفص”، شملت العاصمة ومحيطها، مع نشر قوات مكثفة وتحليق مروحيات وتعزيز المراقبة على الحدود مع تونس، غير أن هذه الإجراءات لم تفلح في إيقاف الجنرال الذي راكم خبرة طويلة خلال سنوات الحرب الأهلية الدامية في التسعينيات.

وأدت هذه التطورات إلى إقالة الجنرال محرز جريبي، رئيس المديرية المركزية لأمن الجيش، باعتباره المسؤول المباشر عن مراقبة حداد، في خطوة عكست حجم الصدمة داخل المؤسسة العسكرية.

ضربة قاصمة للنظام

يرى مراقبون أن هذا الهروب يمثل ضربة موجعة للنظام العسكري الجزائري، لما يحمله حداد من أسرار حساسة حول كبار الجنرالات ونخب السلطة، خاصة المتعلقة بشبكات النفوذ والصفقات المالية المشبوهة، فضلًا عن أرصدة بنكية بالخارج تخص شخصيات نافذة في النظام، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات تسريب معلومات محرجة قد تعمّق من أزمة الثقة داخل هرم السلطة.

إسبانيا.. ملاذ النخب الجزائرية

لم يكن وصول حداد إلى إسبانيا حدثًا استثنائيًا في حد ذاته، إذ طالما شكلت البلاد وجهة مفضلة لكبار المسؤولين الجزائريين لاقتناء العقارات والبحث عن ملاذ آمن في فترات الأزمات، فقد سبق للجنرال خالد نزار أن لجأ إلى برشلونة سنة 2019 قبل عودته لاحقًا إلى الجزائر، فيما لا تزال حادثة مصرع العقيد عمر بن شايد وابنه في أليكانتي سنة 2001 تحتفظ بكثير من علامات الاستفهام لدى الشرطة الإسبانية.

خلفيات سياسية

بحسب الصحفي الجزائري فريد عليلات، فإن سقوط حداد مرتبط أساسًا بفتحه ملفات فساد تخص شخصيات نافذة مقربة من الرئيس عبد المجيد تبون، ويطرح ذلك تساؤلات حول مدى تهديده لمصالح قوى وازنة داخل النظام، لاسيما أن حداد لعب دورًا في دعم إعادة انتخاب تبون سنة 2024 بعد توليه قيادة جهاز الأمن الداخلي.

صمت رسمي وتكهنات

في مقابل الغليان السياسي والأمني، تلتزم الصحافة الجزائرية الرسمية الصمت، بينما اكتفت وكالة الأنباء الجزائرية بالإعلان عن اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن برئاسة تبون، دون كشف أجندته.

ويبقى السؤال المطروح اليوم: ما الذي سيكشفه حداد من معلومات حساسة حول النظام العسكري الجزائري، وكيف ستنعكس أسراره على مستقبل السلطة وصراعاتها الداخلية؟

اترك تعليقاً

Scroll to Top