تعيش الجزائر (النظام ) عزلة دبلوماسية ويتما سعت إليه بسبق إصرار وترصد.فعلى المستوى الإفريقي تعرف دينامية الاعترافات بمغربية الصحراء والتجميد للإعتراف بالبوليزاريو تناميا متواصلا،و الأيام القادمة ستفصح عن المزيد.
وفي المستوى الدولي تتتالى الاعترافات بسيادة المغرب على صحرائه من دول خبرت الملف وتفاصيله لأنها القوى الاستعمارية التي قامت بتقسيم المغرب وأخضعته للحماية الفرنسية التي فوضت أجزاء لإسبانيا في مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906 ووثائقها شاهدة على الحدود الحقيقية للمغرب،وفي الأمم المتحدة يكاد يتكون اجماع كلي حول جدية المقترح المغربي الحكم الذاتي باعتباره مستجيبا لمعيار الحل السياسي.،وفي قرارات مجلس الأمن تتكرر اللازمة التي تصفه بالواقعي والعملي بعدما أصدر شهادة الوفاة الدولية بحق الاستفتاء الذي استحال بسبب عرقلة البوليزاريو،و فشل مخططي بيكر الأول والثاني، و استبعاد التقسيم الذي حاولت الجزائر الترويج له في مصادمة صريحة لمطلب تقرير المصير.وبذلك فالجزائر وصنيعتها في أزمة ،وتتضاعف باجتراح قيادة المغرب لخطاب عقلاني يستشرف آفاق التعاون والتنمية المشتركة إفريقيا ذلك أن المشروع الأطلسي يتجاوز نفس السيطرة إقليميا الى روح التعاون جنوب جنوب وجنوب شمال،و بذلك تنماع صلابة الأنانيات السياسية المستصحبة لمنطق التمدد الإستعماري الهيمني. و قد أكد الخطاب الملكي في الذكرى 49 للمسيرة الخضراء أنه مشروع منفتح لكل من رغب في ركوب سفينة النجاة الجماعية.أما خطابات الاستعراض و التلويح بالحرب فتعكس رؤية عدمية ترهن المنطقة للتوتر والتسابق الغبي نحو التسلح بدل البناء والنماء.
بإمكان الجزائر أن تخرج من العزلة التي سجنت نفسها في دائرتها بمصالحة البعد المغاربي الذي ظل حلما مجهضا بسبب عداء مصادم لمنطق التاريخ الشاهد على دعم المغرب لحركة التحرر الجزائرية.و بمصالحة البعد الإفريقي عبر بوابة التنمية الجماعية/المشروع الأطلسي وتقاسم المكاسب لفائدة كل شعوب القارة.أما الدفع بالجبهة للقيام بعمليات انتحارية فلن يثمر غير مزيد من الجفاء الدولي لسلوكات إشعال الإضطراب بمنطقة حساسة،وسينعش ذلك النزوعات الإنفصالية التي تطل برأسها في الجزائر نفسها.فالدعم العسكري المتواصل واللامحدود للجبهة يغذي جبهات الانفصال المشتغلة بداخلها.إن التلويح بالحرب ضد المغرب و اعتباره العدو الاستراتجي في العقيدة العسكرية الجزائرية نذير شؤم على المنطقة،لأن سيناريو الحرب-لا قدر الله-سيكون مدمرا،و تكلفته ستكون ثقيلة.
فحتى إذا كانت للنظام الجزائري عقدة من المغرب،فلا أقل من أن يكون براغماتيا كفرنسا واسبانيا اللذين أدركا أن عائد مصالحة الحقيقة التاريخية أجدى وأنفع من استصحاب الرؤية الكولونيالية.هل يستطيع النظام الجزائري القيام بمراجعات تقيس الحاضر بمجهر النظر الاستراتجي المغاربي الإفريقي العربي المدرك لأهمية تبادل المنافع و المصالح،فضلا عن قواسم الدين واللغة و التاريخ المشترك؟؟؟!.لن نتخلى عن الأمل في بزوغ نخب عقلانية قادرة على تفكيك بنية الغباء الاستراتجي المعشش في بنية عسكراتية منغلقة منخورة بالفساد متحكمة في دوائر السياسة والإقتصاد و الإعلام بالقهر و الرهاب من عشرية سوداء جديدة.
غربي يوسف