هوسبريس ـ و م ع
مع حلول كل فصل صيف، تمتلئ حدائق الألعاب بالمرتادين الذين يتردد صدى صيحاتهم بنبرات تدل على الخوف تارة والإثارة تارة أخرى.
فإلى جانب وسائل الترفيه الحديثة تكنولوجيا مثل كبسولات الواقع الافتراضي ودور السينما ذات شاشات العرض ثلاثية الأبعاد، تعد حدائق الألعاب بالمغرب نقاط جذب للباحثين عن الإثارة. وفي هذا السياق، أعرب شاب ثلاثيني بحديقة ألعاب مشهورة بمدينة سلا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن رغبته في تجربة كافة الألعاب والأراجيح التي تتواجد بالحديقة. واعتبر الشاب الذي أتى إلى المكان رفقة زوجته وطفليه، أن زيارة هذا الفضاء تزيل التوتر الناجم عن ضغوط العمل بالنسبة للكبار، وتمنح للصغار فرصة اللعب في الأراجيح المخصصة لفئتهم العمرية.
وتعمل الأراجيح الدوارة المتواجدة بحدائق الألعاب وفقا لمعايير محددة من حيث سرعة ومدة الدوران، ما يولد لدى المستعمل شعورا بالخطر ويخرجه من “منطقة الراحة” التي اعتاد عليها. تقول إحدى الزائرات بوجه شاحب وابتسامة مرهقة إنها المرة الأولى وربما الأخيرة التي تركب فيها تلك الأرجوحة، مضيفة أن الأمر كان صعبا في البداية ثم ازداد سوءا، حيث شعرت بالدوار بسبب عدم اعتيادها ركوب مثل تلك الالعاب. لكن قطاع الحدائق الترفيهية يختلف عن كثير من القطاعات من حيث وجوب الحفاظ على أقصى درجات التأهب و التقيد بمعايير السلامة، لأن حدوث أي خلل سيرفع مستوى الخطر ويتسبب في وقوع حوادث. وهذا ما حصل بمدينة طنجة الشهر الماضي عندما تحطمت إحدى الأرجوحات الدوارة بفضاء ألعاب بمنطقة مغوغة، ما تسبب في إصابة 20 شخصا، الأمر الذي يثير تساؤلات حول معايير السلامة المتبعة في مثل هذه الفضاءات.
وفي هذا الشأن، أكدت السيدة سهام إخميم، الأستاذة المبرزة في العلوم الاقتصادية والقانونية، في تصريح، أن التنظيم القانوني غير فعال في حماية ضحايا حوادث حدائق الألعاب، مضيفة أن هذا النوع من الحوادث ينجم عادة عن عدم القيام بالصيانة الدورية والإصلاح، الأمر الذي يترتب عنه مسؤولية مدنية فقط دون المسؤولية الجنائية، التي لا يمكن أن تقع على صاحبها إلا بعد تقييم القاضي للأمر. من جهتها، قالت زينب العراقي، المحامية بهيئة مراكش إن القوانين المعمول بها بشأن حدائق الألعاب لا تهم سوى التجهيزات الموجودة داخلها، دون أن تكون الحديقة نفسها خاضعة لتلك القوانين كشخص اعتباري. وأضافت المحامية أنه وفقا للقوانين المعمول بها، يمنح مجلس المدينة رخصة للمستغل للفضاء بناء على فحص فوري للتجهيزات دون أن تكون هناك مراقبة دورية خلال فترة الاستغلال.
وهكذا تشكل فضاءات الألعاب عالما ممتعا يأخذ برواده بعيدا عن روتين الحياة اليومية، لكن هاجس السلامة يفرض اتباع شروط صارمة تتعلق بصيانة التجهيزات من أجل ضمان تحقيق المتعة دون التعرض للأذى. في هذا السياق، يرى دافيد لو بروتون، أستاذ علم الاجتماع والمتخصص في السلوكيات الخطرة بجامعة ستراسبورغ أن فصل الصيف الذي يعد فترة راحة واستجمام، يعرف إقبالا من الكثيرين على ارتياد حدائق الألعاب سعيا وراء الأحاسيس المثيرة والمغامرة، متناسين أنها “أماكن محفوفة بالمخاطر”.
تتطلب حدائق الألعاب إذن يقظة على المستوى التقني والتحلي بروح المسؤولية على مدار الساعة وتوفير الموارد المادية والبشرية اللازمة، فقد يبحث المرء بين الفينة والأخرى عن الشعور بالإثارة ورفع معدلات الأدرينالين في جسمه، لكن بشرط توفر جميع شروط السلامة.