
على مر السنين، تمكنت مدينة الصويرة، إحدى الوجهات الأكثر تميزا، من تطوير مفهوم خاص بها من خلال جعل مهرجاناتها ومواسمها السنوية، إلى جانب بعدها الفني والثقافي، “مدرسة” حقيقية للانفتاح وإحياء القيم العالمية للتسامح والعيش المشترك.
وليس من قبيل الصدفة أن تراهن مدينة ليزاليزي، منذ نحو ثلاثين سنة، على الفنون والثقافة كمحرك لدينامية تنميتها المحلية. وكدليل على ذلك، فإن مدينة الصويرة أضحت نموذجا يحتذى به في ما يتعلق بالتعايش والتقاسم والحوار بين الثقافات والأديان.
إن التعايش بين مختلف المجموعات في الصويرة ظاهر للعيان ويميز المعيش اليومي لجميع الصويريين دون استثناء. هذه الحقيقة المؤكدة تشكل بصمة هذه المدينة الهادئة منذ قرون، والتي جعلت من الصويرة “بوصلة مغربية”، يحتاج إليها العالم، الواقع حاليا تحت الانقسام والتراجع والحرمان، كما قال أندري أزولاي، مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة – موكادور.
ومن جهته، قال هشام دينار، مقدم الزاوية القادرية بالصويرة، في تصريح ، إذا كانت المدينة تتمتع الآن بامتياز استضافة عشرات المهرجانات من بين أكثر المهرجانات شهرة وتفردا في العالم، فذلك بفضل خطوة براغماتية مدروسة من طرف جمعية الصويرة – موكادور التي اختارت أن تجعل من هذه الأحداث ليس فقط لحظات من الموسيقى والترفيه، بل كذلك مناسبة لعقد لقاءات فكرية عالية المستوى تتم خلالها دعوة الثقافة والفنون باستمرار إلى مائدة التأمل والنقاش.
فبالنسبة إليه، النموذج الأبرز لهذه المهرجانات يتمثل في مهرجان الأندلسيات الأطلسية، وهو ملتقى فريد من نوعه في العالم، إذ يجعل من مدينة الصويرة واحة من السلام المتفرد في العالم الإسلامي حيث يعيش اليهود والمسلمون اللحظة وهم يغنون ويرقصون ويعيشون بشكل مشترك كما فعلوا طيلة القرون الماضية.
وأوضح أن هذا المهرجان، الذي نجح في أن يظل تظاهرة على نطاق إنساني، يمنح أوقاتا من التقاسم المتاح ولحظات من التبادل، ليس فقط خلال زمن الحفل الموسيقي بل بعده، مما يسمح لزوار المهرجان، القادمين بالآلاف كل سنة من مناطق بعيدة، والنهل من روح “النضال” لفائدة قيم الانفتاح والتقاسم وقبول الاختلاف والاحترام المتبادل التي تجسدها وتدافع عنها هذه المدينة الجميلة.