المغرب للجزائريين حبيب

                            

  الرباط : مصطفى منيغ

متقدِّم بأسلوبه في صمتٍ صوب ما قُدُراته المادية تُغَطِّي المطلوب في الحدِّ الأدنَى ، ليحظَى بما خطَّطت إرادته الوازنة ، الآتية بالحاضر المضاف إليه الجزء الايجابي من الماضي ، بما يؤكد أن المسيرة مستمرة على جميع المستويات ولن تتوقف أبداً ، الطموحات أكبر من حصرها في برنامج سنة مالية واحدة لميزانية عامة تعتمد على المحلي كنتاج متحرك بين المجالات الفلاحية والتجارية ولحد ما الصناعية ، الفوسفات له حضور لا بأس به  لكن وارداته أقل بكثير من النفط ، فلا يمكن تحقيق ثراء من وراء إنتاجه بكميات هائلة وتسويقه حيث المنافسة مع بلدان أخرى ، بذات الموضوع ، قوية وأحيانا ًمولّدة بعض الحزازات ، لكن المغرب دأب على سياسة عدم التدخّل في عقليات الآخرين ، ولا فيما تخططه مهما كان الميدان ، مادامت مواقفها لا تضره بمفهوم التأثير المتسلِّل لفرض انشغالات إضافية ، بما تلزمه من احتياطات تتطلّب مصاريف التدبير المحسوبة على الطوارئ وما أكثرها للأسف في مثل التوقيت الزمني والألفية الثالثة تميز المستجدات المتسارعة المتغلبة على أصحاب الإمكانات المتواضعة ، لدول لم تصل بعد حتى لتغطية ثمن ما تأكل ، بالأحرى إتباع مسار التحدي بحثاً عن موقعٍ بين مقامات دول وصلت لما تريد ، وعن مشاركة نجاحاتها  ، ولو في جزئيات بسيطة منها مع أي كان لا تريد .  المغرب عَرَفَ قدره وجلسَ حيث لا يحتاج لمواجهة مَن يقلِّل من شأنه أو يُعظِّم نِفاقاً مستواه ، فَهِم مِن مدة ما يقع ، فصنع لكيانه حداً ليبقى غير متورط ولا خاضع لإرادة الغير مهما كان ، فتمكَّن من التعامل مع الكُبرى كالصُغرى بنفس المنطق ، الجاعل الرؤية البعيدة المدى أسلم ، والتأنّي في اتخاذ القرارات المصيرية لإبعادِ الندم ، بل هي كلمة “نعم” ، في اتفاق متحضِّر خاضع للقوانين الدولية تُكتب بطريقة عالية الاحترام ، لتتمازج ما تتحمَّله من مسؤوليات المُوافَقة ، مع مستلزمات التنفيذ ، مهما كان المكان المرتبط بها ، أو الزمن المحدَّد بفرعيه البداية والنهاية بغير تطاول أو نقصان  ، وهي أيضاً كلمة “لا” المدوَّنة بقانون متى توجَّهت لأمرٍ دولي يهم بعض الدول الكبرى الساعية الهيمنة به على الصغرى ، لإنجاز مصالح لا علاقة لها بالعواطف ولا بحقوق الضعفاء مِنَ الدول ، إن كانت لها مثل الحقوق أصلاً ، كالتعامل بالمثل وما شابه ذلك ، كلمة يكرّسها المغرب بأسلوب حتى وإن أغضب البعض ما قاطعوا تعاملهم معه ، ليقينهم أنه على دراية معمَّقة لما سيحدث مستقبلاً ما دامت السياسة يوم لك ويوم عليك ، فتبوَّأَ في ذلك مكانة متقدِّمة فيما يخص عدم التدخل في شؤون الآخرين ، مهما كانت تَخُصّهم داخلياً في الدرجة الأولى ، فجلب لموقفه النبيل ذاك ما يستحقه من التقدير ، ومهما تعرَّض لتدخل في شؤونه لزم الصبر والحكمة والتهدئة ، وله مع الجزائر قبل اسبانيا ما يملأ صفحات مجلَّد ، وما افْتِعال ملف الصحراء من طرف النظام الجزائري إلا تبرير واهي لقيام الجارة الشرقية للتدخل وبكيفية لا تَسْلَم من نية مبيّتة لجر المنطقة إلى حرب لا معنى لها إلا نشر الرّعب في قلوب شعوب آمنة في مغرب عربي كبير كان موحداً في يوم من الأيام انطلاقاً من اتفاقية مراكش ، ومنها المناوشات الاستفزازية التي كررتها في محيط مدينة “فجيج” المغربية بطرد فلاحيها بالقوة العسكرية من حقولهم بغير موجب حق ، وأشياء لا داعي للتذكير بها ، أبرزها على الصعيد الإنساني الصِّرف ، إصرار الجانب الجزائري الرَّسمي ، على إبقاء ممرّ ” زُوج بْغال” مغلقاً لأجل غير مُسمى ، بالرغم ممّا يتكبده شريط يصل “مغنية” بمدينة “وهران” من خسارة أثرت على اقتصاد مساحة لا بأس بها من الدولة الجزائرية ، وبشكل أقل حِدّة على ” وجدة” عاصمة الشرق المغربي ، وبخاصة في ميدان السياحة وتجهيزاتها الموازية كالفنادق والمقاهي والمطاعم . وكل مرة من عشرات السنين ينأى المغرب عن التصادم المباشر بالجزائر على أمل أن تتعقَّل وتداوي علَّة التوتر بالاتجاه لشؤونها الداخلية ، البعيدة عن الاستقرار وتحقيق آمال وطموحات الشعب الجزائري المسلم الأصيل ، في التمتُّع الحقيقي بواردات أرضه المعطاء وخاصة من مليارات الدولارات سنوياً الناتجة عن تسويق النفط بكميات ضخمة كفيلة بجعله من أغنى شعوب الأرض ، لو كان التدبير الرسمي الحكومي في مستوى التفكير أولا وأخيراً في مستقبل الجزائر أمة ودولة ، لكن عقدة بذرة الحِقد الدَّفين التي زرعها ضد المغرب نظاماً وأمة ، الراحل الهواري بومدين ومَن كان معه آنذاك ، وبخاصة تلميذه عبد العزيز بوتفليقة المغربي الولادة والنشأة ، وجدت حقلا تبنَّت رعايته مؤسسة 21 شارع الشهداء بالعصمة ، الإذاعة و التلفزة الجزائرية ، بادارة عبد الرحمان شْرِيِّطْ ، وصلاحيات الإبراهيمي وزير الإعلام وجماعة من الفنيين الأجانب المتخصصين في الدعاية السياسية لمشروع إعلامي ضخم كلَّف الخزينة الجزائرية مبالغ باهظة بهدف تأسيس ثقافة معاداة المغرب ليس إلاّ ، خدمة لمخطط يرمي إبعاد المملكة المغربية عن فكرة تحرير أراضيها الصحراوية من الاحتلال الإسباني .(يتبع)

اترك تعليقاً