التطورات الأخيرة في ملف الصحراء تعمق عزلة خصوم المغرب

عبدالنبي مصلوحي

يعدّ النزاع  حول الصحراء المغربية أحد أقدم النزاعات الموروثة عن الحرب الباردة  في القارة الافريقية، والسبب هو تعنت جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة جزائريا.

وخلال هذا المسار الطويل، دأبت جبهة البوليساريو الانفصالية بدعم من الجزائر على استفزاز المغرب بطرق شتى، من ضمنها، محاولات التشويش على مساعيه لحل مشكل النزاع، إما عبر أبواقها المأجورة في الجزائر وغيرها من الدول، خاصة مع اقتراب كل موعد سنوي يُفتح فيه ملف النزاع بمجلس الأمن، أو من خلال محاولات الضرب في استقراره أو المسيرة التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية على غرار باقي الجهات الأخرى داخل المملكة،  أو عبر محاولات اختراق المنطقة العازلة والقيام بما تسميه بمناورات عسكرية ومحاولة إغلاق معبر الكركرات، سعيا منها الى عرقلة حرية التنقل وضرب المصالح الاستراتيجية للمغرب مع الدول الافريقية.

ولأن الاستفزاز تجاوز هذه السنة كل الحدود، و تم التمادي فيه الى حد إغلاق معبر الكركرات الذي يمثل خطا استراتيجيا  لحركة المدنيين والحركة التجارية بين المغرب ودول غرب افريقيا، فإن الأمر بات بالفعل انتهاكا صارخا لاتفاق وقف اطلاق النار من قبل البوليساريو، والحال هاته، أصبح المغرب مطالبا بالتدخل لتحرير المعبر وتأمين الحركة فيه، وهو ما حصل بالفعل بطريقة سلسلة اثر عملية للجيش المغربي يوم الجمعة 13 نونبر الماضي، حيث تمكن من طرد عصابة البوليساريو وأعاد فتح الطريق وأمَّنه في وجه السلع والاشخاص، و الذي مباشرة بعد إعادة فتحه عبرت عشرات الشاحنات المحملة بالسلع في الاتجاهين بعد إغلاق لثلاثة اسابيع من قبل أنصار البوليساريو.

وتخليص المعبر من سطوة البوليساريو، لا يصب في مصلحة المغرب أو موريتانيا فقط، بل يصب في مصلحة حرية التجارة الدولية، وفي مصلحة السلم والاستقرار في هذه الجهة من العالم، لأن الأمر يتعلق بنقطة في طريق دولية تربط بين أوروبا وافريقيا، ولهذا السبب، لقي التحرك المغربي إشادة وتقدير كبيرين من قبل العديد من الدول.

وفي غمرة هذا الحراك أو هذه الرجة التي عرفها مسار النزاع حول الصحراء المغربية، جاء الاعتراف الأمريكي لأول مرة في تاريخ النزاع بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، والى جانبه قرار فتح قنصلية بالداخلة، وكانت تلك ضربة قاضية للجبهة الانفصالية وحاضنتها الجزائر.

 ويشكل هذا الاعتراف من قبل أمريكا، العضو الدائم الذي يتمتع بثقل كبير في أروقة الأمم المتحدة وداخل مجلس الأمن،  تحولا نوعيا في مسار ملف النزاع المفتعل، مثلما سيكرس عزلة المواقف السياسية الاقليمية التي تسير عكس التيار، كذلك سيكون لذلك تأثير كبير على العملية السياسية في الأمم المتحدة، وقد يدفع دولا أخرى وازنة الى أن تحذو حذو الولايات المتحدة، ما سيزيد من عزلة الجبهة الانفصالية والجزائر التي توفر لها المأوى والغطاء السياسي واللوجيستيكي.

ومثلما سيكون لقرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء تداعيات سياسية جيدة بالنسبة لملف النزاع، سيكون كذلك لقرار فتح قنصلية في الداخلة، تداعيات سياسية واقتصادية مهمة، تتمثل في التشجيع على فتح دول اخرى لقنصليات بالصحراء المغربية، وتشجيع الرأسمال الاجنبي على الاستثمار في الاقاليم الجنوبية للمملكة.

المتابعون، يعزون هذا التطور في الموقف الأمريكي اتجاه قضيتنا الوطنية الأولى، الى براعة الإدارة المغربية في سياستها الخارجية حيال هذا الملف، والى الحكمة والحرص على عدم الخروج عن قواعد القانون الدولي، في وقت يتمادى فيه الخصوم على الخروج عن قواعد القانون الدولي و التشويش عبر ترويج الاكاذيب والمغالطات …حيث كانت الدبلوماسية المغربية حريصة في هذا  الملف الشائك على حصد النقطة تلو الأخرى الى أن انتهى الأمر الى اعتراف أقوى دولة في العالم بسيادة المملكة على صحرائها.

اترك تعليقاً