جاء في كلمة المندوب السامي للتخطيط كلمة ، أحمد الحليمي علمي ، في الندوة العلمية الدولية بمناسبة اليوم العالمي للإحصاء، أنه عقب التوزيع المتوازن للتساقطات المطرية التي ميزت الموسم الفارط، عبر ربوع المملكة، من الراجح أن تخلص سنة 2018 عن نتائج قياسية على مستوى انتاجية الحبوب ومحاصيل الزراعات التقليدية، خصوصا الخضراوات ومغروسات الفواكه، مقابل تباطؤ طفيف في أنشطة تربية الماشية. في ظل ذلك، يرتقب أن تكون القيمة المضافة للفلاحة قد حققت زيادة بنسبة 3.9% بمساهمة 0.4 نقطة في النمو الاقتصادي، بالموازاة مع إحداث 9000 منصب شغل وتسجيل فائض في ميزان التجارة الخارجية الغذائية بـ 6 مليار درهم.
بالسنة الجارية، عرف الموسم الفلاحي 2018/2019 خصاصا في التساقطات المطرية مصحوبا بارتفاعٍ في السعة الحرارية خلال شهر دجنبر، بعد التساقطات المطرية الغزيرة التي ميزت بداية هذا الموسم والتي ساهمت في تعبئة الفلاحين والرفع من استعداداتهم التقنية واللوجيستيكية. ويصل عدد المواسم الفلاحية التي عرفت ظروفا مناخية مماثلة للموسم الحالي، الى ستة مواسم خلال الثلاثين سنة الماضية مع احتمال تحقيق موسم فلاحي جيد إلى متوسط بمعدل 74٪.
وأضاف المندوب السامي للتخطيط أنه في ظل ذلك، وأخذا بعين الاعتبار التحفظات بشان تطور الظروف المناخية للموسم الحالي وفقا للمواسم المماثلة، اعتمدت الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2019 فرضية الرجوع المحتمل لتساقطات مطرية متوافقة مع سنة عادية خلال فصل الشتاء. بناء على ذلك، و مع استمرار ديناميكية الزراعات المسقية وتحسن تربية الدواجن، فإنّ نسبة تراجع النشاط الفلاحي ستنحصر في 0.4-% فقط خلال سنة 2019.
ومن المنتظر، في نظره، أن تحقق الأنشطة الاقتصادية، دون احتساب الفلاحة ، تطوّرا معتدلا سيناهز نسبة 3.1% سنة 2019 عوض 2.9% خلال السنة المنصرمة، مستفيدة من ارتفاع أنشطة القطاع الثالثي بمساهمة تصل الى 64%. في حين ستحافظ أنشطة القطاع الثانوي على أدائها المتواضع، مدعومة بتحسن القيمة المضافة الصناعية. ومن المنتظر أن تواصل الأنشطة الصناعية المستفيدة تقليديا من تطور الصناعات الغذائية والكيميائية، توجهها نحو الاعتماد على ديناميكية المهن الصناعية الجديدة وخصوصا قطاع السيارات الذي عرفت مساهمته تحسنا تدريجيا ابتداء من سنة 2012 لتصل سنة 2018 إلى مستوى مقارب لصناعة الألبسة.
وسيبقى قطاع البناء هو الآخر بعيدا عن المعدّلات المميزة التي حقّقها في الفترة ما بين سنة 2007 وسنة 2012، نظرا لتراجع الاستثمارات الأجنبية في قطاع العقار وانخفاض وتيرة نموّ القدرة الشرائية العقارية للأسر من 9.7+% كمعدّل تمّ تسجيله في الفترة ما بين 2005 و 2009 إلى 2+% في الفترة ما بين 2010 و 2018.
وعلى العموم، يتوقع أن يحقق حجم الناتج الداخلي الإجمالي نموا يقدر بنسبة%2,9 خلال سنة2019 ، عوض 3% سنة2018 و%4,1 سنة 2017، وذلك في ظل ارتفاع التضخم الداخلي بنسبة %1,7 سنة 2018 و%1,2 سنة 2019.
تباطؤ في وتيرة نمو الطلب الداخلي
وتماشيا مع نموذجه التاريخي، سيواصل النمو الاقتصادي خلال سنة 2019 استفادته من دعم الطلب الداخلي له، وان بوتيرة أقل من السنة السابقة، في حين ستظل مساهمة الطلب الخارجي الصافي سلبية، بالرغم من التحسن الطفيف الذي ستشهده.
وبالتالي، فإن معدل نمو الطلب الداخلي سينخفض من 3.6٪ سنة 2018 إلى 3.4٪ سنة 2019، نتيجة تباطؤ وتيرة نمو تكوين رأس المال الثابت من 3.2٪ سنة 2018 إلى 2.6٪ سنة 2019، بالإضافة إلى زيادةّ طفيفة للاستهلاك النهائي للأسر بنسبة 3.5٪ سنة 2019 عوض 3.4٪ سنة 2018. في المقابل، سيعرف الاستهلاك العمومي ارتفاعا بنسبة 2.9٪ سنة 2019، عوض 2.2٪ سنة 2018. وستنتقل مساهمة الطلب الخارجي في نموّ الناتج الداخلي الخام من 1- نقطة سنة 2018 إلى 0.8- نقطة سنة 2019، موازاة مع استمرار الفجوة بين وتيرة نموّ الصادرات والواردات. حيث سترتفع الصادرات من السلع والخدمات بنسبة 5.9٪ سنة 2019 عوض 4.9٪ المسجلة سنة 2018، و 10.9٪ سنة 2017. فيما ستحقق الواردات نموا يقدر ب 6.2٪ سنة 2019 عوض 6.4٪ سنة 2018.
تراجع طفيف في حاجيات تمويل الاقتصاد
وباعتبار ارتفاع الناتج الداخلي الخام، بالأسعار الجارية، بنسبة 4.1٪ وزيادة 4.1٪ في صافي الإيرادات من الخارج، سيشهد الاقتصاد الوطني انخفاضا في حاجياته من التمويل .ومن المتوقع أن تتباطأ نسبة القدرة الاستثمارية من 32.4٪ سنة 2018 إلى 32٪ سنة 2019، في الوقت الذي ستنخفض فيه نسبة الادخار الوطني لتصل إلى 27.7٪ من الناتج الداخلي الخام سنة 2019، عوض 28٪ سنة 2018. ونتيجة لذلك، ستتراجع حاجيات الاقتصاد من التمويل من 4.7٪ من الناتج الداخلي الخام سنة 2018 إلى 4.5٪ في سنة 2019، والذي يتعيّن على بلدنا اللجوء إلى الاقتراض من أجل تغطيته.
في ظل هذه الظروف، سيرتفع الدين العمومي الكلي للاقتصاد من 82.2٪ من الناتج الداخلي الخام في سنة 2018 إلى 82.5٪ في سنة 2019، بدلا من 82٪ المسجّلة خلال 2017.وعلى صعيد أسواق المال، سيتحسن احتياطي النقد الأجنبي ليرتفع من 230 مليار درهم سنة 2018 إلى 235 مليار درهم في سنة 2019. وبالتالي، فإن معدل نمو الكتلة النقدية سينتقل من 3.5٪ سنة 2018 إلى 4٪ سنة 2019.