البرلمانيون الأوربيون يدركون اليوم أكثر أن المغرب شريك استراتيجي في جنوب المتوسط

 

 

حمادي الغاري

 

مباشرة بعد مصادقة البرلمان الأوروبي، اليوم الأربعاء 16 يناير 2019، وبأغلبية ساحقة (لا تقبل الجدل ) على الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي ،استقلت فيديريكا موغيريني الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي، المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن الطائرة، مساء نفس اليوم ، وتحل بعاصمة المملكة الرباط. وهذا إن كان يدل على شيء ،فهو يؤكد تمكُّن الاتحاد الأوربي من تجاوز الضغوطات التي ظل يمارسها  عليه خصوم الوحدة الترابية للمغرب منذ سنوات (النظام الجزائري وبيادقه في “البوليساريو”)،خصوصا ما يتعلق بالاتفاقية المذكورة ؛ وقد بذلوا من أجل تحجيمها وتقزيمها كل ما يملكون من وسائل الضغط ، بل حتى التهديد والوعيد .. ؛ كما يبيِّن بوضوح تام رغبة الاتحاد الأوربي في تعزيز دينامية العلاقات مع المغرب.

البرلمان الأوربي

ولا شك أن برنامج زيارتها ،الذي يشمل لقاءات مع مسؤولين مغاربة سامين، ومع فاعلين من المجتمع المدني، يعطي صورة جلية عن توجّه الاتحاد الأوربي نحو إرساء شراكة جيدة ومفيدة مع المغرب باعتباره قوة إقليمية لا بد من أخذها بعين الاعتبار، وبالنظر أيضا للدور المميز للمغرب في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية ،والهجرة، إلى جانب أهمية المملكة في القضايا السياسية الإقليمية.  وكل هذا وغيره يدخل في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تلح أوربا على إرسائها على أسس متينة بما يخدم مصالح المملكة والاتحاد.

بالطبع ،تعلم فيديريكا موغيريني جيدا ،وهي المسؤولة الأولى عن الدبلوماسية الأوربية ،أن المخاطب الوحيد والأساسي في الاتفاقية المذكورة ،وخاصة ما يتعلق بأن تشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة ،لا يمكن أن يكون فيها أي دور لطرف آخر غير المغرب ،لأن الأمر يتعلق ،بكل بساطة ،بمسألة سيادة .وكان موقف الرباط واضحا وصارما في هذا الموضوع .وفي هذا جاء بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الذي أكد بالحرف أن “أيّ اتفاق يغطي الصحراء المغربية، لا يمكن التفاوض بشأنه وتوقيعه إلا من طرف المملكة في إطار ممارستها لسيادتها التامة والكاملة على هذا الجزء من ترابها”؛ أي أن هذا  الاتفاق يؤكد، بكل وضوح،  أن منتوجات الفلاحة والصيد البحري القادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة، تتمتع بالتفضيلات التعريفية نفسها التي يشملها اتفاق الشراكة.

لا بد من التسجيل ،في هذا الصدد، أن موقف بلادنا كان موقفا وطنيا بالأساس، تمليه ثلاثة مبادئ ثابتة ،تتمثل في : لدفاع غير القابل للتفاوض عن وحدته الترابية وعن مرتكزات موقفه حول الصحراء المغربية، وفي الحفاظ على مصالحه الاقتصادية في قطاع هام مع شريك تجاري مفضل، ثم في تشبث صادق بالشراكة متعددة الأبعاد والعميقة مع الاتحاد الأوروبي ،كما أكد ذلك بلاغ وزارة الخارجية المغربية. وهذه العناصر الثلاثة ظلت هي الأساس والمرتكز والمرجع خلال مسلسل المفاوضات الطويل مع الاتحاد الأوربي.

ويبقى تصريح أحمد رضا الشامي، سفير المغرب السابق  لدى الاتحاد الأوروبي، بستراسبورغ، لافِتاً للانتباه حين قال أن البرلمانيين الأوروبيين، أدركوا منذ زمن، ويدركون اليوم أكثر أن المغرب شريك استراتيجي في جنوب المتوسط .

  للإشارة، فقد صادق البرلمان الأوروبي على الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ب 444 صوتا مقابل 167. والأرقام غنية عن أي تعليق.

اترك تعليقاً