
هوسبريس_خالد غوتي
استطاعت الدبلوماسية المغربية، بقيادة ملكية تتبنى رؤية استراتيجية بعيدة الأمد، أن تحقق اختراقاً نوعياً في مسار تسوية قضية الصحراء المغربية، من خلال إعادة تشكيل الخطاب الدولي حول هذا النزاع المفتعل، وكشف الأدوار الحقيقية للأطراف المتدخلة فيه.
فمنذ سنوات، عمدت الجزائر إلى تقديم نفسها كوسيط محايد في هذا الملف، غير أن المجهود المغربي، القائم على الحجة القانونية والدعم الدولي المتنامي، نجح في تعرية هذا الادعاء، حيث بات واضحاً لدى عدد من الفاعلين الدوليين أن الجزائر ليست مجرد داعم لـ”البوليساريو”، بل هي الطرف الرئيس والمتحكم في قراراتها ومسارها.
وقد ساهمت التحركات المغربية المدروسة، بما في ذلك طرح مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، في إحباط المشروع الإقليمي الذي تسعى الجزائر إلى فرضه منذ السبعينات، والذي يهدف إلى خلق كيان انفصالي جنوب المملكة، يخدم حساباتها الجيوسياسية ويمنحها منفذاً إلى الأطلسي.
اليوم، تتوالى الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وتتوسع خارطة الدعم للمبادرة المغربية، كما تؤكد ذلك افتتاح قنصليات لعدد من الدول في مدينتي العيون والداخلة، وهي خطوات عززت الموقف المغربي وأربكت الرواية الجزائرية، التي أصبحت تواجه عزلة متزايدة على المستويين الإقليمي والدولي.
وفي مقابل هذا التقدم المغربي، تجد الجزائر نفسها في مواجهة واقع دبلوماسي صعب، بعد أن انكشف فشل نهجها المعتمد على دعم الانفصال، والترويج لخطاب تجاوزه الزمن.
أما المغرب، فواصل ترسيخ سيادته على أرضه، وتعزيز حضوره كفاعل إقليمي موثوق، يدير ملفاته بحكمة ومصداقية، ويكسب مزيداً من الدعم داخل المنتظم الدولي.
وهكذا، يثبت المغرب يوماً بعد آخر أنه لا يخوض فقط معركة السيادة على الأرض، بل يخوض أيضاً معركة الوعي الدولي، التي تمكّن من إدارتها باحترافية جعلت من مبادرته مرجعية وحيدة لحل دائم، عادل وواقعي لهذا النزاع.