قرابين العيد “الكبير”

تجدد كل سنة في ذهني نفس الأسئلة “الوجودية” الكبرى، حين أرى نفس الطقوس تتكرر ونفس “السحنات” كالحة، متيبسة من الجري وراء السراب.

تصير “البيضاء” مثل إسطبل كبير أكثر مما هي عليه كإسطبل بشري كبير. فلا وجود لمفهوم “المدينة” عندنا، يغدو كل شيء خارج التصنيف، لا هي قرى ولا مدن ولا مداشر بل خليط غير متجانس من كل شيء.

أسئلة عن “الجدوى” من كل هذا اللغط الذي يتكرر بنفس الصيغة كل عام، هل الإله حقا محتاج لكل هذا؟ وهل الإله يفضل هذه الطريقة فقط دون غيرها؟ ثم هل فعلا هذا هو للإله حقا؟ وهؤلاء البؤساء هل هو فعلا عيد لهم؟ وهل يشعرون حقا بالفرح وسط هذه الحرب المعلنة على كل الأصعدة؟ وهل من لا يقوم بأي طقس ديني طيلة السنة بل قد يقترف الإجرام و “الفساد” بأي “عيون” حمراء يهدي قربانا للإله؟ وهل القربان أصلا يؤكل؟ …

أنا لا أريد أجوبة لهذه الأسئلة، فيكفي طرحها لتظهر الأجوبة في وجوه وعيون الناس. تظهر في محطات الانتظار، في زحام الصفوف، وفي الرقاب والحناجر المشرئبة نحو الفراغ.

ماهية العيد بحد ذاتها تطرح إشكالية عندنا، فكمية النفاق الاجتماعي المتولد عن فرح مزعوم وزائف تكاد تظهر دون كلام، وكمية الكذب في المناسبات تتعدى طقوسا مشحونة بالعنف والصراع من أجل توفير لوازم العيد “الكبير”.

فالعيد يفترض احتفالا وفرحا لا ترى من مظاهره سوى التعب المادي الذي يغطي أي فرح “مفترض” وأي احتفال “مزعوم”.

فحدث تحول القرابين في التاريخ من “بشرية” إلى “حيوانية” فعلا يستحق الاعتبار والاحتفال وتحوله إلى “التقديس” عبر ممارسات دينية كان له الأثر في استقرار دول وحضارات … لكن تمظهرات الطقوس كلها عبر التاريخ تغيرت حسب مصلحة الناس وجدوى ما تقدمه لهذه الديانات نفسها من مصالح. هذه الجدوى صارت تطرح اليوم أكثر في ظل تغيرات جذرية تحدث، وأثر الفراشة الذي قد يغير أنظمة وبلدانا فبالأحرى عادات صارت ثقافية أكثر منها دينية.

تتطور ثقافات الشعوب وفق تطورها المعرفي والتكنولوجي وبالدرجة الأولى وفق مدى فاعلية ما تقوم به في ضمان استمرارها واستمرار بقية الأصناف الحيوانية والنباتية، فتحول الثقافة رهين بموارد الكوكب وإذا كان هناك من قربان يقدم فهو ضد الرأسمالية التي تستنزف كوكبنا بكل مكوناته في طاحونتها ليل نهار.

  • Related Posts

    حرية التعبير بين الصحافة المهنية والفوضى في مواقع التواصل.

    أكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، أن المملكة المغربية تشهد تطورًا ملحوظًا في مجال حرية الرأي والتعبير والتعددية، مشيرًا إلى أن عدد المواقع الإلكترونية بالمغرب بلغ 988 موقعًا،…

    انتقادات أوروبية حادة للجزائر بعد اعتقال الكاتب بوعلام صنصال

    تواجه الجزائر موجة من الانتقادات في البرلمان الأوروبي عقب اعتقال الكاتب بوعلام صنصال، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل، على خلفية تصريحات طالت حدود البلاد، وقد أثار توقيف صنصال تنديدًا واسعًا اعتبره…

    اترك تعليقاً

    You Missed

    زلزال قضائي في عين السبع: الحكم بخمس سنوات سجناً نافذاً على محمد بودريقة بتهم ثقيلة تشمل النصب والتزوير.

    زلزال قضائي في عين السبع: الحكم بخمس سنوات سجناً نافذاً على محمد بودريقة بتهم ثقيلة تشمل النصب والتزوير.

    عين عتيق: الإطاحة بأخطر مروج للمخدرات بعد عملية أمنية دقيقة.

    عين عتيق: الإطاحة بأخطر مروج للمخدرات بعد عملية أمنية دقيقة.

    في إطار تعزيز الشراكة الأمنية بين المغرب والإمارات: عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الإماراتي.

    في إطار تعزيز الشراكة الأمنية بين المغرب والإمارات: عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الإماراتي.

    الجزائر تكمّم أفواه المثقفين وتُجرّم الكلمة الحرة: بوعلام صنصال ضحية جديدة لنظام يخشى الحقيقة.

    الجزائر تكمّم أفواه المثقفين وتُجرّم الكلمة الحرة: بوعلام صنصال ضحية جديدة لنظام يخشى الحقيقة.

    الهلال يصنع التاريخ وبونو يتألق: ملحمة كروية تطيح بمانشستر سيتي.

    الهلال يصنع التاريخ وبونو يتألق: ملحمة كروية تطيح بمانشستر سيتي.

    الصخيرات: اختناق جماعي بشواطئ مختلفة بالصخيرات يرسل مصطافين إلى مستشفى لالة عائشة بتمارة.

    الصخيرات: اختناق جماعي بشواطئ مختلفة بالصخيرات يرسل مصطافين إلى مستشفى لالة عائشة بتمارة.