
الدار البيضاء
في واحدة من أقوى المحاكمات التي شهدتها المحكمة الزجرية بعين السبع، أسدلت الهيئة القضائية الستار، عشية الثلاثاء، على ملف الرئيس السابق لنادي الرجاء الرياضي والبرلماني السابق محمد بودريقة، بإصدار حكم قاس يقضي بسجنه خمس سنوات نافذة، مع تغريمه مبلغ 660 ألف درهم، ومنعه من إصدار الشيكات لمدة سنة، بعد إدانته بتهم ثقيلة تتعلق بـ”إصدار شيكات بدون رصيد، والنصب، والتزوير في محرر رسمي واستعماله، والتوصل بغير حق إلى شهادة صادرة عن الإدارة العامة واستعمالها”.
الحكم الذي جاء بعد مداولات دقيقة، نزل كالصاعقة على المتتبعين للملف، خاصة أن المتهم كان إلى وقت قريب من أبرز الوجوه الرياضية والسياسية في البلاد. وقد حاول بودريقة، خلال الجلسة الأخيرة، أن يدفع ببراءته عبر التشكيك في الوثائق المعتمدة ضده، مطالباً بإخضاعها لخبرة تقنية مستقلة، إلا أن المحكمة ارتأت أن ما توفر من معطيات وأدلة كافٍ لإدانته.
وعرفت قاعة الجلسات لحظات مؤثرة حين انهار بودريقة باكياً أمام القاضي، مشيراً إلى أن هذا الملف دمّر مستقبله المهني، ومؤكداً أن التهم الموجهة إليه تمثل “حكماً بالإعدام الرمزي” على مساره الذي جمع بين الرياضة والسياسة والمقاولة.
وكان بودريقة، الذي اعتقل قبل أشهر، قد ظل محط أنظار الرأي العام منذ انكشاف تفاصيل الملف، الذي اتسم بتشعبه وتورط مجموعة من الأطراف، ليتحول إلى قضية رأي عام تجاوزت حدود الرياضة إلى أروقة العدالة والبرلمان.
ويشكل هذا الحكم سابقة في المشهد الرياضي والسياسي المغربي، ويبعث برسالة قوية مفادها أن القانون فوق الجميع، مهما كانت الأسماء أو المواقع، كما يعكس عزم القضاء المغربي على التعامل بحزم مع قضايا التزوير والنصب، خاصة حين تتورط فيها شخصيات ذات وزن اجتماعي ومؤسساتي.
ومع صدور هذا الحكم، يطوي بودريقة صفحة من مسيرته الحافلة بالجدل والنجاحات، ليجد نفسه وجهاً لوجه مع العدالة، في مشهد يعكس حجم التحول الذي قد تفرزه انزلاقات المال والسلطة.