بوشعيب شكير: إصلاح النظام الاستشفائي في بلادنا يحتاج إلى  إرادة  سياسة صادقة ( حوار)

حاورته هوسبريس

يتحدث بوشعيب شكير، عضو المكتب النقابي للمركز الإستشفائي الجامعي  ابن سينا وعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة التابعة للكونفدرالية العامة للشغل، في هذا الحوار عن واقع الاختلالات والنواقص التي تعتري مجال التدبير والحكامة في  القطاع الصحي، وهي مشاكل يعتبرها جزءا لا يتجزء من أزمة مركبة  تعرفها المنظومة الصحية،

وخلص شكير في حواره مع “هوسبريس” وهو يبسط  رؤية نقابته لمشاكل الصحة، إلى أن إصلاح النظام الاستشفائي في بلادنا يحتاج إلى  إرادة  سياسة صادقة  لدى الدولة  تفضي إلى  سن سياسة صحية  عمومية  واضحة المعالم ضمن مشروع مجتمعي يعتبر الصحة حق من حقوق المواطن…نتابع نص الحوار:

يتعرض القطاع الصحي في بلادنا لانتقادات كثيرة..بحكم انتمائكم لهذا القطاع..أين يوجد في رأيكم الخلل؟

بناءا على قراءتنا لواقع  ونموذج الحكامة  و التدبير المتبع على صعيد مؤسساتنا الاستشفائية،  نؤكد لكم أنه واقع  لا يرقى إلى مستوى طموحاتنا و ما ينتظره منا المواطن..فرغم  المجهودات المبذولة على أكثر من صعيد  فإن وتيرة  تنزيل مقتضيات الأوراش الإصلاحية التي أطلقتها بلادنا في مجال تطوير منظومة المراكز الاستشفائية  لازالت بطيئة،  حيث أننا مازلنا في مرحلة التدريب والتجريب ولم ندخل بعد مرحلة الفعالية والتجويد . و هذا  الأمر يحتاج منا جميعا القيام  بوقفة تأملية و إجراء تقييم جماعي حقيقي لمواجهة التحديات الموضوعة أمام أسرة الصحة، وخاصة  المركز الإستشفائي ابن سينا،   من أجل تدارك النواقص.

أشرتم إلى المركز الجامعي ابن سينا بالرباط…ماهي النواقص التي يعرفها تدبير أموره؟

وإن كان المجال لايتسع هنا  للحديث عن كل النواقص والعراقيل، فإنه بالإمكان الإشارة إلى بعض الملاحظات و التساؤلات التي نعتبرها جوهرية،  من أهمها تلك المرتبطة بتطبيق و إرساء  مبادئ الحكامة  الجيدة،  وهنا من حقنا التساؤل ومعرفة ما إذا كانت وصفة الحكامة التي تضمنها القانون  70.13  المتعلق بالمراكز الإستشفائية الجامعية والذي مر على خروجه إلى حيز التنفيذ  أكثر من ثلاث سنوات قد طبق بشكل تام،  خصوصا أنه جاء بآليات ومقتضيات هامة في مجال التدبير التشاركي والتخطيط الاستراتيجي كمشروع  المؤسسة الإستشفائية و هيئات الحكامة والتشاور ونهج  سياسة  الأقطاب  وغيرها من الآليات   أم  أننا مازلنا نراوح مكاننا،  خصوصا  أن مجموعة من المقتضيات التي جاء بها القانون  لازالت معطلة وغير معمول بها في مجموعة من المؤسسات الصحية  التابعة للمركز.

أنت عضو مكتب نقابي للمركز الإستشفائي الجامعي  ابن سينا وعضو المكتب الوطني بالكنفدرالية العامة للشغل..هل لديكم اقتراحات وحلول للاختلالات في هذا القطاع .. للمركزالاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط  على وجه الخصوص ؟

نحن  في الكونفدرالية العامة للشغل ومن خلال اطلاعنا على التقارير التي تنجز حول المركز، و من خلال  كذلك  التشخيص التشاركي  الذي قمنا به رفقة  المهنيين  و مختلف   الفعاليات النقابية والجمعوية والمهنية،  فإننا توصلنا  إلى  ضرورة تبني  المسؤولين لحزمة  من الحلول والمقترحات والتوصيات من أجل تجاوز مظاهر الخلل التي تعتري منظومتنا الإستشفائية، وفي هذا الصدد فإننا  نعطي الأولوية  لما يلي: 

ـ العمل على تكوين و تحفيز العاملين بالمركز وتحقيق مطالبهم الإجتماعية والمادية والمعنوية والقانونية  العلمية لأن من شأن ذلك المساهمة في تطوير أداء الإدارة و الرفع من مردوديتها عبر الانخراط في ثقافة المشروع و ثقافة  التخطيط الإستراتيجي و  ثقافة التدبير بالنتائج.

ـ تفعيل لجن التتبع والتقييم داخل مستشفياتنا، حيث إن مجموعة من التقارير التي تنجزها سواء مؤسسات رقابية تابعة للدولة أو مكاتب دراسات متعاقدة مع المؤسسة تسهم في إنتاج الأرقام و الإحصائيات و التوصيات الضرورية،  لكن للأسف الشديد لا يتم استثمارها بشكل جيد و تحويلها إلى برامج و خطط عمل تكون قادرة على تطوير أداء المؤسسة و تقديم الخدمات الصحية الجيدة للمواطن.

ـ نطالب بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتقوية الرقابة الداخلية  للمشاريع المبرمجة على مستوى المؤسسات الإستشفائية  من أجل رفع نجاعتها دون أن ننسى قيمة البحث العلمي وعلاقته بمشاريع الإصلاح الصغيرة منها والكبيرة.

ولنكن صرحاء و واضحين أكثر فإنه مهما كانت جودة التشخيصات والحلول المقترحة فإن أثرها سيبقى محدودا  في نظرنا لأن  الإختلالات التي تعرفها منظومة المراكز الإستشفائية هي جزء لايتجزأ من الأزمة المركبة  التي تعرفها المنظومة الصحية،  لذا فإن إصلاح منظومة المراكز الأستشفائية   ليست مسؤولية  مدير بحكم صلاحياته المحدودة أو وزارة الصحة  بحكم إمكانياته المالية  المتواضعة،  بل هي مسؤولية الدولة  اتجاه مواطنيها بالدرجة الأولى.

إن إصلاح النظام الاستشفائي يحتاج إلى  إرادة  سياسة صادقة  لدى الدولة  تفضي إلى  سن سياسة صحية  عمومية  واضحة المعالم ضمن مشروع مجتمعي يعتبر الصحة حق من حقوق المواطن.

سيعين جلالة الملك  لجنة  ستنكب على إعداد نموذج تنموي جديد،  ماهي انتظاراتكم في الشق المتعلق بالمسألة الصحية بصفة عامة وورش الإصلاح الإستشفائي بصفة خاصة ؟

إن ماعرفه ويعرفه  المغرب  من احتجاجات  اجتماعية  في كل ربوعه ومناطقه  أبان بشكل واضح أن قضية  الصحة أصبحت تؤرق المواطن المغربي وتحتل مساحة كبرى في  تفكيره،   لذا نجدها تحتل الأولوية  في سلم  لائحة المطالب والشعارات التي يرفعونها، لذلك نتوخى كمهنيين وفاعلين اجتماعيين أن تحظى المسألة الصحية بالعناية والمكانة  اللازمتين  من طرف واضعي النموذج التنموي الجديد، وذلك بتقديم جواب يشفي غليل المواطن و  يستجيب لتطلعاته  وانتظاراته وسعيه من أجل منظومة صحية  مغربية عادلة ومنصفة تنتج الجودة وتوفر الخدمات الصحية لكل مواطن في إطار مبادئ  المساواة والإنصاف والعدالة والكرامة.   

اترك تعليقاً