هوسبريس ـ عبدالنبي مصلوحي

يراهن الشعب على تعديل حكومي يأخذ بعين الاعتبار الاحباطات التي عاشها الشعب مع الحكومات السابقة، يكون قادرا على التنزيل الفعلي والمرئي للنموذج التنموي الجديد، بطريقة جديدة واستثنائية، معزز بميزانيات معقولة قادرة على النهوض بالإنسان المغربي والإجابة على تطلعاته في التنمية والعيش الكريم.

هذه الحكومة المرتقبة، نتمنى ألا نعود ونقول مع القائلين إنها هجينة، ومسلوبة الإرادة في مداواة الاعطاب في البلاد، ودمج انشغالات الفئات الفقيرة الواسعة ضمن السياسات العمومية بلمسة مختلفة، الشعب المغربي، يتطلع في هذا الوقت بالذات إلى حكومة تشعره بانشغالها بتطلعاته المشروعة في العيش الكريم،  وفي تنمية تصل نتائجها إلى جميع الشرائح، وفي تعليم جيد يكون رافعة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لأبناء المغاربة، مثلما كان عليه الأمر في السابق، وفي سوق شغل يكون قادرا على استيعاب الخريجين وغير الخريجين، وفي قطاع صحي سليم ومعافى، وليس معتلا كما هو حاله اليوم..المغاربة في حاجة إلى كل هذه الأمور التي تحافظ على الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وعدم التركيز عليها في أي سياسة عمومية يعد جريمة إذا كنا فعلا في دولة الحق والقانون.

اليوم، وبعد إقرار الجميع بفشل النموذج التنموي، أصبحنا في حاجة إلى رؤى تنموية جديدة في إعداد مشاريع قوانين المالية، رؤى تقوم على إعادة الاعتبار للمواطن، والاهتمام بالرأسمال البشري عبر الرفع من الميزانيات المخصصة للتعليم والبحث العلمي، والاهتمام بالرأسمال الاجتماعي عبر إدماج كل الفئات والمجالات في الدورة التنموية، والاهتمام بالمؤسسات والرفع من جودتها في سياق إصلاح حقيقي للإدارة العمومية التي تتحمل قسطا وافرا في واقع الحال الذي يعيشه المغاربة اليوم.

هي أمور نتمناها مع النسخة المرتقبة للحكومة، نتمنى أن تكون مهووسة فعلا بالهم الاجتماعي والاقتصادي للمغاربة، خاصة تلك الفئات التي لا يصلها شيء مما يقال انه تنمية، وهذه الأمور ستشتم رائحتها مع أول قانون مالية لها، سيعرضه وزير ماليتها قريبا، نتمنى ألا يكون مثل قوانين المالية السابقة، التي كانت مجرد كشكولات من الوعود المضللة، حالة الشرود ظاهرة بشكل فاضح في تعاطيها مع الرهانات الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة، أرقامها جافة، لا تشتم منها رائحة التجاوب مع معاناة المواطن الفقير الذي يعيش على إيقاع مشاكل بنيوية.

الحكومة المعدلة، حتى يصدق المغاربة أنها جادة ولها أفق، فهي مطالبة أولا بأن يكون قانون ماليتها الأول أكثر جرأة، قانون يساعد على تحسين مناخ ثقة الشباب في المستقبل في بلادهم، ويقوم على أسس جديدة تسمح بعدالة اجتماعية حقيقية بين الناس والفئات والمجالات، وليس نسخة طبق الأصل لما سبقه من قوانين مالية لا تعمل إلا على تعميق الامتيازات لفئات معينة.

المغاربة يستحقون في هذا التوقيت حكومة استثنائية،  بقانون مالية استثنائي يعكس قيم العيش الكريم، وليس إلى  مجرد تشكيل ترقيعي كلما دعت الضرورة إلى التحسيس بالتغيير.