من المغرب إلى الصين.. على متن دراجة تعمل بالطاقة الشمسية

يوسف الهواس ومحمد سعيد الجباري اللذان سارا على خطى ابن بطوطة…

 

 حسين تنضوفت (و م ع)

 بالرغم من بعد المسافة والصعاب التي اعترضتهما أثناء عبور العديد من البلدان، تمكن مواطنان مغربيان ، أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، من رفع تحدي الوصول إلى جنوب الصين، على متن دراجة ثلاثية العجلات تعمل بالطاقة الشمسية.

قرر  كل من يوسف الهواس (50 سنة) ومحمد سعيد الجباري (37 سنة) من ذوي الاحتياجات الخاصة، المشاركة في تحدي لحاق أعلنت عنه جمعية فرنسية تحمل اسم “رحلة الشمس” (swntrip) ، على متن دراجة ثلاثية العجلات، تعمل بالطاقة الشمسية والمجهود البدني ، وفضَّلا أن تكون الانطلاقة ،رمزية، من طنجة من أمام ضريح الرحالة ابن بطوطة (يوم 8 يونيو2018)، لتنطلق الرحلة،رسميا، من ليون الفرنسية إلى مدينة غوانزو بجنوب الصين (يوم 25 شتنبر2018) .

وانطلاقا من فرنسا، مرَّ المغامران المغربيان بالعديد من البلدان، من بينها سويسرا وإيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا وصربيا وبلغاريا وتركيا وجورجيا وأذربيجان وكازخستان، ليصلا إلى الصين بعد قطع مسافة نحو 13 ألف كيلومترا، خلال مدة تزيد عن 100 يوم .

يقول الهواس، وهو مخترع ومصمم الدراجة ثلاثية العجلات، تعمل بالطاقة الشمسية، والتي أطلق عليها اسم “ابن بطوطة”، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء،: ” الرحلة كانت صعبة وشاقة، إذ واجهتنا الكثير من الصعوبات خلال مرورنا بعدة بلدان، وخاصة سوء الأحوال الجوية (أمطار غزيرة وحرارة مفرطة ورياح قوية)، ومخاطر الطريق (حالة بعض الطرق والسير جنبا إلى جنب مع الشاحنات الكبيرة).

وأضاف، في معرض حديثه عن الصعوبات والمخاطر: “كنا نسير أحيانا جنبا إلى جنب مع الشاحنات الكبيرة، وأي حركة خاطئة من جهة سائقيها أو من جهتنا ستكون عواقبها وخيمة، خصوصا في أنفاق تركيا وجورجيا التي تجاوزت مسافاتها أربع كيلومترات”.

وفي كازخستان، يتابع الهواس، “كان عبور الصحراء جد صعب جراء الحرارة المفرطة، وعدم وجود قرى أو أماكن للتزود بالماء والغذاء لمسافات تزيد عن 380 كلم، كما اضطررنا إلى قطع ما يزيد عن 400 كلم في طريق غير معبدة ورملية، كان التقدم فيها عسيرا وخطيرا”، علاوة على المبيت أحيانا في الخلاء في أماكن تكثر فيها الأفاعي والعقارب.

وعن المسافة التي كانا يقطعانها يوميا بالدراجة ثلاثية العجلات التي تعمل بالطاقة الشمسية، قال إنها تتغير حسب الطقس والتضاريس، ولا تتعدى 220 كلم في اليوم، بحيث أن معدل السرعة في الأراضي المنبسطة يصل إلى 35 كلم في الساعة، وقد يصل إلى 8 كلم أثناء الصعود في الجبال.

وأوضح أنه في بداية اللحاق “كان هناك 42 مشاركا وأربع دراجات فقط مصنعة يدويا، بينها دراجتان فرنسيتان لم تستطيعا إتمام اللحاق واضطرتا للانسحاب، ولم يتبق سوى دراجتي ودراجة أحد المتسابقين التشيك اللتين ستكملان اللحاق، أما باقي الدراجات فأغلبها تجارية أضيفت إليها الألواح الشمسية “.

وأشار إلى أنه، بمعية صديقه محمد سعيد الجباري، الذي أصيب بشلل الأطفال في صغره والذي أبلى بلاء حسنا خلال الرحلة من خلال استخدام يديه بدل رجليه، قطعا مسافة الرحلة لوحدهما إلى أن بلغا مدينة شيان (شمال غرب الصين) حيث التقيا بمجموعة من الفرنسيين، وقررا حينها إتمام ما تبقى من الرحلة معهم (حوالي 2500 كلم).

وأضاف أنهما سيظلان يحتفظان بذكريات جميلة عن هذه الرحلة :”بالنسبة للجانب الاجتماعي، كان سكان البلدان التي نمر بها يخصونا بالترحاب والكرم، وفي أغلب الأحيان كان الفراق جد صعب بمشاعر سنتذكرها ما حيينا.. الكرم لا دين له”.

وأكد أن قوانين الرحلة كانت جد صارمة بحيث أن منظميها، وجلهم من المهتمين بالتحسيس بخطر التلوث، والداعين إلى استعمال الطاقات النظيفة من أجل الحفاظ على مستقبل كوكب الأرض، “حددوا لنا مساحة الألواح الشمسية بحيث لا ينبغي أن تتجاوز 2.5 مترا مربعا، لكي يظل التحدي تقنيا ورياضيا في نفس الوقت”.

وأضاف الهواس أن المنظمين، الذين يهدفون من وراء هذه التظاهرة إلى التشجيع على استعمال الطاقة الشمسية، وربما التأسيس للحاق على شاكلة “رالي باريس – دكار” لكن باستخدام آليات تعمل بالطاقة الشمسية، زودوا المشاركين بأجهزة تحديد المواقع (جي بي إس) “لكي يتمكنوا من تتبعنا والتأكد من المسارات التي نسلكها، ومن أنه ليس هناك غش، وأننا أتممنا السباق، علاوة على أن قانون الرحلة يمنع علينا الاستفادة من أية مساعدة، إذ كان ينبغي علينا تدبر أمورنا بمفردنا، من تخطيط للمسار الذي سنسلكه وأكل ومبيت وغير ذلك”.

حقق يوسف الهواس وسعيد الجباري (هذا الأخير كان الوحيد من ذوي الاحتياجات الخاصة المشارك في اللحاق)، إنجازا غير مسبوق ، بالوصول إلى الصين، على متن دراجة تعمل بالطاقة الشمسية، من ابتكار وصنع مغربي، ومثَّلا بلدهما على أكمل وجه في هذه التظاهرة، التي أعطيا خلالها الدليل على أن المواطن المغربي والعربي بإمكانه المشاركة والمنافسة في أهم المنافسات الدولية، واختراع آليات يمكن أن تبدي كفاءتها وتفوقها في مختلف المجالات.

  • Related Posts

    حادثة سير مأساوية تودي بحياة طفل وسائق طاكسي بين الحاجب وآزرو.

    شهدت الطريق الوطنية رقم 1، الرابطة بين مدينتي الحاجب وآزرو، مساء الخميس 17 يوليوز الجاري، حادثة سير مميتة راح ضحيتها طفل يبلغ من العمر 13 سنة وسائق سيارة أجرة، وذلك…

    طنجة: رجل يتنكر في زيّ امرأة لتسجيل رضيع بمحكمة الأسرة ومحاولته تثير الشبهات.

    شهدت محكمة الأسرة بمدينة طنجة، مؤخراً، حادثة احتيال غريبة أثارت الكثير من الريبة، بعدما أوقفت المصالح الأمنية رجلاً تنكّر في زيّ امرأة محاولاً تسجيل رضيع بالحالة المدنية بطريقة غير قانونية.…

    اترك تعليقاً

    You Missed

    حادثة سير مأساوية تودي بحياة طفل وسائق طاكسي بين الحاجب وآزرو.

    حادثة سير مأساوية تودي بحياة طفل وسائق طاكسي بين الحاجب وآزرو.

    نواكشوط: الوزير الأول الموريتاني يستقبل سفير المغرب لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي.

    نواكشوط: الوزير الأول الموريتاني يستقبل سفير المغرب لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي.

    طنجة: رجل يتنكر في زيّ امرأة لتسجيل رضيع بمحكمة الأسرة ومحاولته تثير الشبهات.

    طنجة: رجل يتنكر في زيّ امرأة لتسجيل رضيع بمحكمة الأسرة ومحاولته تثير الشبهات.

    إيداع ثلاثة موظفين بوزارة العدل سجن عكاشة في قضية سمسرة قضائية.

    إيداع ثلاثة موظفين بوزارة العدل سجن عكاشة في قضية سمسرة قضائية.

    أزيد من 1.5 مليون فرد من الجالية المغربية يعودون إلى أرض الوطن في إطار عملية “مرحبا 2025”

    أزيد من 1.5 مليون فرد من الجالية المغربية يعودون إلى أرض الوطن في إطار عملية “مرحبا 2025”

    تصاعد مقلق لجرائم المختلين عقلياً في المغرب: 254 قضية جديدة منذ بداية 2025.

    تصاعد مقلق لجرائم المختلين عقلياً في المغرب: 254 قضية جديدة منذ بداية 2025.