
هوسبريس_خالد غوتي
يُخلّد المغاربة، اليوم 23 يوليوز، الذكرى السادسة والعشرين لوفاة جلالة الملك الحسن الثاني، الذي وافته المنية سنة 1999 بعد أن حكم البلاد على مدى 38 عامًا، شكّل خلالها أحد أبرز رجالات الدولة المغربية الحديثة، وقائدًا وطنيًا بصم تاريخ المملكة برؤية استشرافية وحنكة دبلوماسية فريدة.
وُلد الملك الراحل سنة 1929، وتولى العرش في مارس 1961 عقب وفاة والده الملك محمد الخامس، ليبدأ عهدًا جديدًا اتسم بكثير من التحديات والتحولات الكبرى داخليًا وخارجيًا، وتميزت سنوات حكمه برسم توجهات كبرى في بناء الدولة، وبقيادته لمرحلة دقيقة من تاريخ المغرب اتسمت بترسيخ السيادة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة الحديثة.
عرف الحسن الثاني بدهائه السياسي ومهاراته الخطابية، وتمكن من تعزيز الحضور المغربي في المحافل الدولية، سواء من خلال نسج علاقات استراتيجية مع القوى الكبرى، أو عبر مساهماته الفاعلة في قضايا السلم، وعلى رأسها ملف السلام في الشرق الأوسط، حيث ظل المغرب، تحت قيادته، صوتًا عاقلاً ووسيطًا موثوقًا.
داخليًا، أطلق الحسن الثاني إصلاحات اقتصادية وهيكلية كبرى، أبرزها سياسة “المغربة” التي مكّنت المغاربة من استرجاع السيطرة على قطاعات اقتصادية حيوية، بالإضافة إلى برنامج الخصخصة وتحرير الاقتصاد الذي مهد للانتقال إلى اقتصاد السوق، وشهد عهده أيضًا مشاريع تنموية كبرى لا تزال حاضرة في الذاكرة الوطنية، من أبرزها جامع الحسن الثاني بالدار البيضاء، الذي يعكس طموحاته المعمارية والدينية والثقافية.
وقد شكّل يوم 23 يوليوز 1999 لحظة فارقة في تاريخ المغرب الحديث، حينما أُعلن عن وفاة جلالته في بث تلفزي استثنائي، طبعته مشاعر الحزن والأسى، وتجسد في كلمات مؤثرة ألقتها المذيعة فتيحة دانيال والصحافي مصطفى العلوي، في مشهد خالد في الذاكرة الجماعية للمغاربة.
وبعد أكثر من ربع قرن على رحيله، لا يزال اسم الحسن الثاني محفورًا في وجدان الأمة، باعتباره رجل دولة بامتياز، جمع بين الصرامة والحكمة، واستطاع أن يضع أسس الاستقرار والدبلوماسية المغربية، ويقود بلاده بحنكة وسط محيط إقليمي ودولي متقلب، ليظل إرثه السياسي والفكري مرجعًا بارزًا في مسار المغرب الحديث.