

بوشعيب الضبار
كان المحجوبي أحرضان دائما كزعيم سياسي، ومناضل قديم، ومسؤول سابق في عدة مناصب سياسية، ووظائف حكومية،على موعد مع القدر والتاريخ، ومع أعاصير السياسة وتقلباتها.
بذكائه وبخبرته العميقة في الحياة، عرف كيف يتخطى الصعاب، ويظل صامدا، ويخرج من غبارها سليما كأنه طائر الفينيق الذي ينبعث من تحت الرماد ليحلق من جديد في الأعالي.
بيته في طريق زعير بالرباط مفتوح دائما، على الطريقة البدوية الأصيلة المفعمة بالكرم، كأنه خيمة منصوبة فوق إحدى هضاب “ولماس”، حيث تعبق رائحة الشاي والنعناع في الفضاء الممتد على بعد النظر.
يكاد صالون بيته لايخلو من الضيوف: رجال ملتفون في عباءاتهم، وشباب في كامل الشياكة، يجسدون أجيال حزب الحركة الشعبية في استمراريتها وتجددها عبر السنين.
وسط هذه الجلسات، يبدو أحرضان بملبسه العصري وأناقته ونحول جسده، ونظارته الطبية، كأنه مايسترو يقود جوقته الموسيقية بعصاه الذهبية، لتكون أكثر انسجاما واتقانا في العزف.
أحيانا يظهر بزيه التقليدي المميز بعمامته وخنجره، كأنه شيخ القبيلة وحكيمها العاقل الذي يلتجيء إليه الفلاحون وبسطاء القرية، طلبا للنصح والإنصاف والإرشاد والاحتكام إليه.
الحديث مع “الزايغ” له مذاق خاص.
يتحدث كأنه يترأس اجتماعا سياسيا أو لقاء حزبيا.
مرة يرتفع صوته، ومرة أخرى ينخفض، ولكنه لا يفقد حرارته ونبرته الساخرة، مستعينا أحيانا ببعض الأقاويل والمأثورات الشعبية، المستمدة من البيئة والطبيعة.
إنه يتكلم بطريقته وأسلوبه عن مفاهيمه ورؤيته لمختلف الشؤون السياسية بشكل مستفيض ومفصل.
وهو يدعو الى التمسك بأخلاقيات العمل السياسي، وما تتطلبه المرحلة من تعبئة وجدية وصدق وصراحة، ونزاهة وشفافية و”صح ومعقول”، وكلها مفردات تتردد كثيرا على لسانه، وتعكس إيمانه الكبير بها.
ويحسب له أنه من الزعامات الحزبية القليلة التي انكبت على توثيق مذكراتها في كتب ومؤلفات عن تاريخ المغرب السياسي .
لقد أسعدني الحظ بأن قابلته، رحمه الله، أكثر من مرة في بيته في أحاديث صحافية، حول تجربته الغنية في الحياة، سواء كسياسي، أو شاعر، أو رسام تشكيلي.