ما أصعب أن تقع في هوى “بيليكي” يا ولدي

عبدالنبي مصلوحي

بعد مصطلحات، “الاشباح” و “العفاريت” وفعل “تفعفع” التي غزت قاموس السياسة ذات ولاية حكومية من قبل مسؤولين حكوميين، ها نحن نشهد ومعنا عالم السياسة من أقاصيه الى أقاصيه وعلى بعد سنة واحدة من نهاية الولايات الكثيرة في بلادنا ..الحكومية ..التشريعية ..الريعية..، ميلاد مصطلح جديد ينضاف الى القائمة المتوقفة منذ نهاية الولاية السابقة، ويتعلق الأمر بمصطلح “بيليكي” الذي ولد أمس بمجلس النواب في جلسة لمناقشة تصفية معاشات البرلمانيين، تفتقت عنه عبقرية نائب برلماني محترم، لديه غيرة على قاموس السياسة، فأبى إلا أن يغنيه بكلمة جديدة، تثقل ميزانه بين القواميس الأخرى. في الحقيقة الرجل لم يفاجئنا باختراعه، فهو قادم من مدينة علمية اشتهرت بتخريج علماء اللغة و عمالقة الفصاحة التي لا تعني بالضرورة طلاقة اللسان وطوله..بل هو “عمدتها” وعمودها الذي يهز بنيان آمالها ومستقبلها..وهذا قليل من عمدة المدينة العلمية، لقد تأخر كثيرا في إغناء القاموس السياسي في بلادنا..لهذا لا نريده أن يتوقف عن إبداع “مصطلحات” جديدة تغني قاموس السياسة الذي تحتاج مياهه الراكدة الى عمل كبير من أجل تحريكها وجعلها تشعر بالحياة بعد موت طويل في عيون الشعب الذي “مل” من تكرارها على مسامعه صباح مساء..لذا كان اختراع “الثلاثاء” في محله..

تصوروا لو انتهت الولاية التشريعية ومعها الولايات الأخرى جافة من الاختراعات “المفاهيمية”، وانضاف جفافها الى “الجفافات” الأخرى. جفاف المناخ..جفاف الجيب لدى الأغلبية الساحقة من مواطني الشعب ..جفاف الاقتصاد بسبب كورونا..جفاف الحلق بسبب الصياح ضد القرارات اللاشعبية..جفاف الزرع والضرع بسبب شح الأمطار.. جفاف مستشفيات الدولة من دواء “بيليكي”..جفاف صناديق الدعم …كان موسم الحصاد سينتهي “بيليكي”…يعني “والو”..

وفي الحقيقة الرجل معذور، لأن هذه هي طبيعة السياسة في بلادنا، من العادات السيئة التي يمكن أن، يتعلمها منها السياسيون الذين لا “يرحمون” ولا “يتقون الله”، هو الوقوع في حب “بيليكي”، يعني لا شيء في سبيل الله والشعب، وهو حب “حرام” بلغة الدين، ومن هذه الفئة من يقع فعلا في حب كبير الى حد الهيام بالمحبوب “بيليكي” لأنه تعلم أن يأخذ مقابل “بيليكي”، ويكون مستعدا من أجل بقاء الحال على حاله والتضحية الى حد نهاية تشبه نهايات بعض أبطال الحب الذين يحتفظ تراثنا العربي بالكثير من تفاصيل قصصهم في العشق، وكيف انتهت ببعضهم بشكل مأساوي الى الهلاك..وهو أمر عادي، لأن الحب أعمى، يحجب رؤية عيوب المحبوب، لذا فصاحبنا لما صاح مهاجما شعب “الفيسبوك”: “واش بغيتو برلمانيين والحكومة والولاة والعمال والرؤساء والمدراء والموظفين يخدمو بيليكي وبدون أجر، وفي نهاية الشهر ميلقو ميوكلو ولادهم”،  لم يكن يرى عيوب معشوقه “بيليكي” الذي دأب عليه محترفو المناصب التمثيلية تحت مسميات عديدة، تجمعها كلمة “الريع”..الرجل معذور فعلا، فالحب أعمى، قال فيه شكسبير بتاجر البندقية: “أيها الحب الأعمى الأحمق، ماذا فعلت بعيني؟ فهما تبصران لكنهما لا تعيان ما تبصران”، وصاحبنا عندما كان يدافع عن حبه للـ”بيليكي”، لم يكن يبصر أنه ريع، وأنه يساهم في إفقار الشعب الذي صوت عليه..وأنه  حرام بلغة الشرع ..شرع الله.. وقال ايضا، وهو يدافع عن الريع وعن غرف أموال مقابل “بيليكي” عمل، “مخصناش نخافو من مؤثرين اجتماعيين. ما الذي صنعه لنا هؤلاء؟”، وكأن الأحزاب صنعت شيئا لهذا الشعب..فكثير منها اصبحت عالة على السياسة وعلى الشعب..لا شغل لها غير التربص بالمال العام واقتناص فرص الدعم والمصالح والريع..فاتقوا الله أيها الناس في هذا الوطن وهذا الشعب الذي ائتمنكم على مصالحه ومستقبل أبنائه، وتخلوا قليلا عن “لهطتكم”.

تعليق واحد

  1. عبدو الأشهب

    يبدو أن أخانا المرتبط اسمه ب” الأزمات” متخوف من أن يضيع منه الريع، و هو الدي ألف الرضاعة من ” بزولة وزارة المالية” و معروف عنه أنه يتقاضى أكثر من بريم ،له نقول ” إدا لم تستحي فقل ما شئت”

اترك تعليقاً