الخطاب الملكي دعوة صريحة لتحويل الأزمة الى فرصة

عبدالنبي مصلوحي

كجميع خطابات الجيل الجديد من خطب جلالة الملك، قدم خطاب الليلة بمناسبة الذكرى 21 لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، عددا من الحلول الاستراتيجية، هذه المرة لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد 19 على الحياة السوسيوـ اقتصادية في بلادنا.

كان القطاع غير المهيكل، أول ما وضع عليه الخطاب الملكي الأصبع في سياق تصوراته لإعادة ترتيب الاقتصاد الوطني، بما يجعله قويا لامتصاص كذا صدمات، ويكون رافعة إضافية لتوفير الحماية الاجتماعية المطلوبة في بلد ينشد التقدم عبر أبوابه الحداثية التي تقوم على الاستثمار في العنصر البشري.

قال جلالة الملك :” إذا كانت هذه الأزمة قد أكدت صلابة الروابط الاجتماعية وروح التضامن بـين المغاربة، فإنها كشفت أيضا عن مجموعة من النواقص، خاصة في المجال الاجتماعي. ومن بينها حجم القطاع غير المهيكل؛ وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة”.

هذه الفقرة، تكاد تقول كل شيء عن واقع الحال بالنسبة لفئات عريضة من الشعب المغربي، فئات تعيش من القطاع غير المهيكل دون حماية اجتماعية، وهي نفسها الشرائح التي كانت اكثر تضررا من آثار الجائحة.

من هنا كانت دعوة جلالة الملك في هذا الخطاب المهم، واضحة لتحويل الأزمة الناتجة عن جائحة الفيروس القاتل  الى فرصة، لإعادة ترتيب الاولويات في السياسات العمومية، لتكون المحصلة في النهاية بناء اسس متينة لـ”بناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، ونموذج اجتماعي أكثر إدماجا”،  والاشارة هنا واضحة الى واضعي السياسات العمومية ومدبري الشأن العام بشكل عام كي يستخلصوا الدروس من الجائحة، بما يساعد على ابتكار الحلول الناجعة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

وهذه الحلول، لم يكتف الخطاب الملكي بالإشارة اليها، بل زاد وفصل في تصورها العام الذي يجب أن ينطلق من “إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها، والرفع من قدرتها على توفير مناصب الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل”، يسهر على تنفيذها  “صندوق للاستثمار الاستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية”. ولتوفير اسباب نجاح هذا الورش الكبير “سيتم ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني”، وهو رقم يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

هي إذن خارطة طريق واضحة، يرسمها خطاب الليلة للحكومة والفاعلين الاقتصاديين وواضعي السياسات العمومية، لإعادة ترتيب الأولويات بالشكل الذي يحقق النجاعة الاقتصادية والحكامة الجيدة بعيدا “عن كل المزايدات السياسية والخطابات الديماغوجية والشعبوية”، وتكون النتيجة في نهاية الأمر، تحويل أزمة “كورونا” الى فرصة لتحقيق إقلاع جديد يزاوج بين  البعدين، الاقتصادي والاجتماعي.

اترك تعليقاً