
عبدالنبي مصلوحي
تلك فئة من مكونات هذا الشعب، تنتمي إليه في كل شيء، إلا في تطلعاته وطموحاته نحو تحقيق النقلة الديمقراطية التي تجعل من بلاده دولة كما يتمناها، مثل جيراننا في الشمال، حيث شروط التدبير الرشيد والحكامة الحكيمة التي تساعد على استنبات أسباب الديمقراطية الاجتماعية في ثوب حداثي تقدمي، خالي من ألوان الزيف …الديمقراطية التي تتوغل داخل فئات الشعب الأكثر فقرا وبؤسا وتحقق الرفاه والعيش الكريم وتضمن الحقوق، مثلما تعاقب على الإخلال بالواجبات، وتسائل، بل وتعاقب من يسىء تدبير الشأن العام ويتصرف في الميزانيات على هواه، وليس ديمقراطية الواجهة، ديمقراطية بلا مضمون…ولا طعم..
هي صراصير…لأنها تقتات على القاذورات والأوساخ، ومنها الفساد والإفساد، تكره الإصلاح وتبخس مشاريع التحديث بكل أنماطها، أجمل المواسم التي تنشط فيها وتعشقها، هي المواعيد الانتخابية، جماعية أو تشريعية أو أي شيء إسمه الانتخابات.
إنهم تجار الانتخابات وسماسرتها، الذين بدأ بعضهم، بالفعل، يتحرك من الآن استعدادا للموعد المقبل، غير يائسين ولا مبالين بالخطاب الجديد الذي يستمد روحه من الدستور الجديد. ولاشك أنهم بدؤوا يحضرون لإفساد الموعد..ولا شك أنهم متفائلون من أن أرباحهم من المال الانتخابي ستزيد، وأن الذمم التي تقبل بأن تكون سلعة في سوق الانتخابات ستكون كثيرة.
هؤلاء يقال عنهم صراصير، ويسميهم البعض بالكائنات الانتخابية، عطلوا النماء في المغرب ، ومازالوا مصرين على أن يظلوا أسياد ضبط إيقاع السرعة التي تسير عليها البلاد نحو التقدم والديمقراطية، تنفيذا لسياسة لوبيات تجد في التخلف و ديمقراطية الواجهة تجارة مربحة، يبعثرون الأوراق وتطلعات الشعب في كل محطة انتخابية عبر شراء الذمم وتغيير ملامح أحلامه، لا لشيء فقط لتظل المؤسسات المنتخبة على حالها، ويظلوا هم على أحوالهم في منأى عن الديمقراطية التي تعادي كل مفسد في الأرض، وحتى تظل تجارة الفساد والريع والتخلف على ازدهارها ونمائها، محمية من البوار والانقراض.
ولأن المحطة المقبلة، هي فرصة، فيجب على الشعب اقتناصها لتحقيق ما يجب أن يتحقق على أرض الواقع في الجماعات الترابية للمملكة، وفي المؤسسة التشريعية، بإعادة تقييم وزن الصوت الانتخابي، والوعي بأنه سلاح ذو حدين، يمكن أن يكون سببا في إفراز النخب و المجالس القادرة على التعاطي مع مضامين الدستور الجديد، وبالتالي ضمان الحكامة الجيدة التي تضمن الحقوق التي تعد إحدى مداخل الديمقراطية، أو تفرز المجالس التي تكرس استمرار نفس الوجوه والأطراف الغارقة في الفساد، والتي تبحث من جديد في عهد الدستور الجديد على تثبيت نفسها وسياستها التي لا تضمن التقدم ولا تساهم في الخلق و إبداع الحلول للمعضلات والمشاكل المحلية…
إن سياسة هؤلاء و طرق تعاطيهم مع أمور الشأن العام، أضحت مع مشاريع التطور التي يؤسس لها الدستور الجديد، منتهية الصلاحية، صُنَّاعها لم يعودوا مع الأفكار الجديدة،
إلا أن لهم قدرة خارقة على النفاذ إلى عقول بعض الساكنة وقلوبها لإطالة الوهم بأن المجتمع المغربي، هم قلبه النابض، و أنه لا يمكن أن يتقدم بدونهم، لهذا فعلى فئات الشعب المتضررة أن تكون يقظة من ألسنة تمرست على بيع الوهم لسنين طويلة…ولا شيء لديها غير بيع الوهم.