
هوسبريس ـ عبدالنبي مصلوحي
الصحة، التعليم، الشغل، ثلاثة عناوين كبرى تختزل أبرز المشاكل التى على قانون مالية السنة المقبلة مواجهتها، جميع قوانين المالية التي جربت مع “حكومات” يرأسها العدالة والتنمية، أبانت عن فشل ذريع في حلحلة مشاكل واختلالات هذه القطاعات “الحمراء”، لا هي قلصت من شكاوي المواطنين واحتقاناتهم، ولا هي حدت من مسيراتهم وإضراباتهم، في مناطق مختلفة من البلاد.
بالنسبة للتعليم العمومي، أصبح يُنظر اليه من قبل معظم العائلات المغربية، مثل الخردة، عدد من مؤسساته تهالكت، خصاص مهول في الأطر التربوية المؤهلة لإعطاء تعليم جيد، بنيات استيعابية لا تجيب على الحاجيات المتزايدة، دأبت الحكومات السابقة على التعاطي معها عبر تكديس التلاميذ بالأقسام بأعداد تتجاوز المعدلات العالمية.
الجامعة، هي بدورها باتت في نظر المغاربة مجرد مشتل منتج للبطالة.
هذه الأعطاب، دفعت بالأسر إلى نقل أبنائها إلى التعليم الخصوصي، ما أضاف إليها عاملا آخر من عوامل التفقير، والتسبب لها في الحرمان من حقوق أخرى.
أما الصحة، فتلك حكاية أخرى، ربع المغاربة يعجزون عن الولوج إلى الاستفادة من الخدمات الطبية، والسبب يعود بالأساس إلى العدد الضئيل للأطباء الساهرين على القطاع، حيث يسهر كل ستة أطباء على 10 آلاف من المغاربة، في الوقت الذي يسهر 12 طبيبا على نفس العدد عند جيراننا في تونس والجزائر، أما عند جارتنا في الشمال ( اسبانيا) فإن لديها طبيب واحد لكل 40 مواطن.
هذا دون الحديث عن تدني خدمات الطب النفسي والعقلي، حيث لا توفر فضاءات هذين التخصصين ـ حسب التقاريرـ إلا سريرا واحدا لكل 10 ألاف نسمة.
فيما الشغل، فهو معضلة حقيقية، تزداد استفحالا موسما بعد موسم، تتحدث التقارير عن أزيد من 13مليون غير نشيطين في سوق العمل، من بينهم أكثر من 4.2 مليون في حالة هشاشة كبيرة، مثلما نقف في ما يخص بطالة الخريجين أو حاملي الشهادات العليا على قرابة 16 في المائة.
هذه ثلاثة تحديات، من بين تحديات أخرى، تشكل امتحانا صعبا لقانون المالية الجديد، فالحكومة مطالبة من خلاله على إنتاج الحلول الناجعة للمعضلات الاجتماعية التي تؤرق فئات واسعة من الشعب المغربي.
مشروع القانون الذي عرضه وزير المالية مساء الاثنين الأخير عل أنظار ممثلي الشعب بالغرفتين التشريعيتين، يقول أن الحكومة تفكر في إعادة ترتيب الأولويات، بشكل يسمح بإبلاء أهمية كبيرة لقطاعات التعليم والصحة والتشغيل والنهوض ببرامج الحماية الاجتماعية وتسريع وتيرة الحوار الاجتماعي ودعم القدرة الشرائية، ومواصلة الاستراتيجيات القطاعية لتوفير ظروف الإقلاع الاقتصادي، ودعم الاستثمار والمقاولة، و مواصلة الإصلاحات الكبرى، ولكن بالتدقيق في أرقامه، يمكن القول، أنه لا يخرج عن السياق العام لسابقيه..بمعنى آخر، انه مجرد كشكول من الوعود..