الجزائر ترفض المشاركة في مناورات “الأسد الإفريقي”.. مؤشّر جديد على تفاقم عزلتها الإقليمية.

 

في خطوة تعكس استمرار سياسة الانغلاق وتكريس العزلة، أعلنت الجزائر عدولها عن المشاركة في النسخة الحادية عشرة من مناورات “الأسد الإفريقي” التي تنظمها القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) بشراكة مع المغرب وعدد من الدول الحليفة، وذلك في الفترة الممتدة من 12 إلى 23 ماي المقبل، بكل من أكادير وطانطان وتزنيت والقنيطرة وبنجرير وتيفنيت.

ورغم توجيه دعوة رسمية من طرف “أفريكوم” للجزائر للمشاركة بصفة عضو مراقب، أكدت مصادر إعلامية متطابقة أن النظام الجزائري رفض العرض دون تقديم تبريرات واضحة، وهو ما أعلنه مسؤول رفيع في القيادة العسكرية الأمريكية خلال ندوة صحفية عن بعد، مشيرًا إلى أن “الدعوة ما تزال قائمة”، في إشارة ضمنية إلى رغبة واشنطن في الإبقاء على قنوات التعاون مفتوحة، رغم التوترات السياسية المتزايدة.

مناورات “الأسد الإفريقي”، التي أصبحت من أكبر التمارين العسكرية متعددة الجنسيات في القارة، تهدف إلى تعزيز التنسيق العسكري ومواجهة التهديدات الإرهابية وحالات الطوارئ، وتكرّس موقع المغرب كشريك استراتيجي موثوق للولايات المتحدة والدول الغربية في المنطقة.

في المقابل، يعكس قرار الجزائر رفض المشاركة حالة من الارتباك السياسي والدبلوماسي، ويعزز الصورة النمطية حول ميل النظام الحاكم إلى الانعزال والابتعاد عن الديناميات الأمنية الإقليمية.

ويرى مراقبون أن هذا الموقف ليس معزولًا، بل يأتي في سياق توتر العلاقات المغربية الجزائرية، ومحاولات النظام في قصر المرادية فرض أجندته الخاصة بعيدًا عن أي تنسيق مشترك، حتى في القضايا ذات الطابع الأمني الحيوي التي تهم شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

كما يعتبر البعض أن هذه العزلة المتزايدة، والتي تتجلى في غياب الجزائر عن محافل دولية مهمة كـ”الأسد الإفريقي”، من شأنها أن تُضعف تموقعها الجيوسياسي، وتُعمّق الفجوة بينها وبين القوى الدولية الفاعلة، خصوصًا في ظل التحولات المتسارعة في المنطقة والتحديات الأمنية الكبرى التي تفرض تعاونًا إقليميًا واسعًا.

وفي وقت يواصل فيه المغرب توسيع دائرة شركائه الاستراتيجيين وتكريس حضوره العسكري والدبلوماسي في المحافل الدولية، يبدو أن الجزائر ما تزال أسيرة حسابات سياسية ضيقة، تدفعها إلى اتخاذ مواقف انفعالية، حتى وإن كانت على حساب مصالحها الأمنية والإقليمية.

فهل ستعيد الجزائر النظر في خياراتها الإستراتيجية؟ أم أن العزلة ستظل خيارًا رسميًا في مرحلة تتطلب انفتاحًا أكثر من أي وقت مضى؟

بقلم خالد غوتي

Related Posts

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

شاركت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، على رأس وفد مغربي في قمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة لدول مجموعة العشرين، المنعقدة يومي 24 و25 يونيو 2025 بمدينة جوهانسبورغ،…

الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا يؤكد دعم منظمته لسيادة المغرب ووحدته الترابية.

الرباط – عبّر الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، كاو كيم هورن، عن دعم منظمته الثابت لاحترام سيادة المملكة المغربية ووحدتها الترابية، وذلك خلال زيارة عمل رسمية يقوم…

اترك تعليقاً

You Missed

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يرسخ موقعه كمركز استراتيجي لدمج الغاز العائم في التحول الطاقي.

المغرب يرسخ موقعه كمركز استراتيجي لدمج الغاز العائم في التحول الطاقي.

إيران تعتذر لقطر: الهجوم على “العديد” لم يستهدفكم.

إيران تعتذر لقطر: الهجوم على “العديد” لم يستهدفكم.

ترمب: دمرنا منشآت إيران النووية كما فعلنا بهيروشيما… وأنهينا الحرب.

ترمب: دمرنا منشآت إيران النووية كما فعلنا بهيروشيما… وأنهينا الحرب.