تتزايد التساؤلات حول مستقبل العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية إيران، بعد تقارير إعلامية تحدثت عن مشاورات غير معلنة لإعادة تطبيع العلاقات، تقودها سلطنة عمان كوسيط وفي تطور لافت، تداولت وسائل إعلام إيرانية صورة تجمع وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، خلال مشاركتهما في المنتدى العاشر لتحالف الحضارات الذي انعقد، أمس الثلاثاء، في العاصمة البرتغالية لشبونة.
ورغم أن هذه الصورة لم تُرفق بأي أنباء عن لقاء رسمي بين الوزيرين على هامش المنتدى، فإن محللين سياسيين يرون أنها تحمل دلالات رمزية لبداية بوادر تقارب محتمل بين الطرفين، مشروط بمطالب مغربية صارمة تتصدرها دعم إيران لمغربية الصحراء، ووقف دعمها المالي والعسكري لجبهة البوليساريو الانفصالية.
شروط المغرب لأي تقارب
وفقًا لتصريحات نقلتها وكالة “سبوتنيك” الروسية، فإن المشاورات الجارية، التي لم تُؤكد أو تُنفَ من الجانب المغربي، تشير إلى تقدم ملحوظ في الوساطة العمانية، مع تمسك المغرب بشروطه المتمثلة في:
1. سحب إيران دعمها لجبهة البوليساريو.
2. الامتناع عن التدخل في الأمن الديني والروحي للمغرب.
3. وقف أي تحركات تمس العمق الإفريقي للمملكة.
وفي هذا السياق، قال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “الصورة التي جمعت بوريطة وعراقجي تعكس بوادر تقارب مشروط بالشروط المغربية”، مضيفًا أن أي تطبيع للعلاقات بين البلدين لن يحدث إلا بعد ضمان احترام إيران للوحدة الترابية للمغرب.
وساطة طويلة الأمد
من جانبه، شدد المحلل السياسي لحسن أقرطيط على أن “أي تقارب بين الرباط وطهران لن يكون وشيكًا”، معتبرًا أن المشاورات، إذا كانت جارية بالفعل، ستستغرق وقتًا طويلاً، لضمان التزام إيران الكامل بشروط المغرب، وأكد أقرطيط أن تطبيع العلاقات سيتطلب تصريحات علنية من إيران تؤكد دعمها لمغربية الصحراء ووقفها لدعم البوليساريو، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات قد تُمهد لعقد لقاء رسمي بين وزيري الخارجية أو إعلان مشترك عن طي صفحة القطيعة.
التغيرات الإقليمية والدينامية الدولية
يشير مراقبون إلى أن التطورات الإقليمية الأخيرة، لا سيما التقارب الإيراني مع السعودية والإمارات برعاية صينية، قد تُمهّد لإعادة تشكيل العلاقات بين إيران ودول المنطقة ومع ذلك، يظل الموقف المغربي متصلبًا، خاصة في ظل التقارير التي كشفت دعم إيران، عبر حزب الله، لجبهة البوليساريو.
ورغم هذه المعطيات، يبقى الباب مفتوحًا أمام عودة العلاقات، شريطة التزام إيران بتوجه جديد يتماشى مع المصالح العليا للمملكة المغربية، كما أكد المحللون أن المغرب يدير الملف بحذر وعقلانية، لضمان عدم المساس بوحدته الترابية أو أمنه القومي.
مستقبل العلاقات
يبدو أن عودة العلاقات بين المغرب وإيران ستظل رهنًا بمدى استعداد إيران للانخراط في الدينامية الدولية لدعم مغربية الصحراء، وتقديم ضمانات واضحة تضع حدًا لأي تدخلات تمس استقرار المغرب. وحتى ذلك الحين، ستظل الجهود الدبلوماسية خلف الكواليس العامل الرئيسي في صياغة مستقبل هذه العلاقة المعقدة.