المغرب يدعو الاتحاد الأوروبي لمواقف واضحة بشأن الصحراء: شراكة تحت اختبار الثقة.

دعا المغرب الاتحاد الأوروبي إلى ترجمة أقواله إلى أفعال فيما يتعلق بالشراكة بين الرباط وبروكسيل، مشدداً على ضرورة اتخاذ موقف واضح يتماشى مع التوجه الدولي المتزايد لدعم مغربية الصحراء.

جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في ندوة صحافية مشتركة مع أوليفر فارهيلي، المفوض الأوروبي المكلف بالجوار والتوسع، حيث قال: “الكرة في ملعب الاتحاد الأوروبي لتقديم الإجابات وإرسال الإشارات وإيجاد الحلول”.

وأشار الوزير المغربي إلى وجود “ابتزاز وتحرشات قانونية واقتصادية تمس العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي”، في إشارة إلى قرار محكمة العدل الأوروبية بإلغاء اتفاقيتين تجاريتين مع المغرب، والذي ألقى بظلاله على الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين.

تحول في لهجة الرباط

وفي قراءة لهذا التصريح، اعتبر محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مراكش، أن الرباط تبنت خطاباً هجومياً جديداً في تعاطيها مع ملف الصحراء ضمن شراكاتها الدولية، وهو تحول يعكس رغبة المغرب في التعامل من موقع القوة، خاصة في ظل الدعم المتزايد لمغربية الصحراء من عدد من الدول الأوروبية.

وأوضح نشطاوي أن “الثقة التي كانت تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي تأثرت بفعل مواقف البرلمان الأوروبي وقرارات محكمة العدل الأوروبية، وهو ما يستدعي من بروكسيل إصلاح هذا الشرخ عبر مواقف أكثر وضوحاً”.

وأضاف أن الدول الأوروبية الداعمة لمغربية الصحراء مطالبة بلعب دور أكثر فاعلية لدفع الاتحاد الأوروبي نحو الانسجام مع الدينامية الدولية.

موقف الاتحاد الأوروبي: صمت لافت

خلال اللقاء الذي جمع بوريطة وفارهيلي، تجنب الأخير الحديث عن موقف الاتحاد الأوروبي من ملف الصحراء، وهو ما اعتبره مراقبون غياباً للوضوح في الرؤية الأوروبية تجاه قضية تمثل محوراً رئيسياً في شراكة المغرب مع القارة العجوز.

وفي المقابل، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخصيص 190 مليون يورو ضمن برنامج قيمته الإجمالية 225 مليون يورو لإعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال شتنبر 2023، مع التركيز على دعم السكان المتضررين وإنعاش الخدمات الأساسية والاقتصاد المحلي.

شراكة استراتيجية في مفترق الطرق

عبد الفتاح الفاتحي، رئيس مركز إفريقيا للدراسات والأبحاث، أكد أن خطاب المغرب يأتي كرسالة صريحة للاتحاد الأوروبي، مفادها أن أي شراكة مع الرباط يجب أن تأخذ بعين الاعتبار سيادة المملكة الكاملة على أقاليمها الجنوبية.

وأضاف أن “خطابات الملك حددت بوضوح معالم معالجة ملف الصحراء، وهي رسالة لكل الشركاء الدوليين بأن أي تعاون مستقبلي لا يمكن أن يتم بمعزل عن الاعتراف بسيادة المغرب”.

هذه التطورات تأتي لتختبر صلابة الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وهي شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، لكنها بحاجة إلى مواقف واضحة لضمان استمراريتها في ظل التحولات الدولية والإقليمية.

اترك تعليقاً