صافرة تحذير أخيرة

هآرتس – بقلم  أسرة التحرير – 22/12/2019

​لا يفترض بقرار المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بانه يوجد اساس لفتح تحقيق بشبهات في جرائم حرب ارتكبتها اسرائيل، مثلما هي حماس والفصائل الفلسطينية ايضا، ان يفاجيء احدا. ففي السنوات الخمسة التي جرى فيها الفحص الاولي للمدعية العامة فاتو بنسودا وفرت لها حكومة اسرائيل المزيد فالمزيد من المواد. صحيح ان الفحص بدأ لاول مرة في اعقاب احداث الجرف الصامد، ولكن منذئذ اضيفت احداث لا نهاية لها، وعلى رأسها تدوي مسألة اطلاق النار ضد المتظاهرين على حدود القطاع. كما ان مسألة المستوطنات التي لم تتوقف عن الاتساع طرحت امام المدعية العامة، بما في ذلك اعلانات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن مخططاته للضم.

​لقد أظهرت اسرائيل استخفافا فظا ومتواصلا بالقانون الدولي. وبالتوازي، بغياب المفاوضات دفعت اسرائيل الفلسطينيين مباشرة الى اذرع المؤسسات الدولية. والامر المفاجيء الوحيد في القضية هو رد فعل اسرائيل نفسها. فقد سارع المستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت الى نشر فتوى عاجلة، قبل لحظة من بيان المدعية العامة، اساسها الادعاء القديم بان المحكمة ليس لها على الاطلاق صلاحيات في البحث في الموضوع كون اسرائيل لم تصادق على عضويتها في الميثاق من جهة، وبالمقابل الادعاء بان فلسطين ليست دولة حقيقية وبالتالي لا يمكنها ان تكسب المحكمة الصلاحيات القضائية الجنائية اللازمة.

​هذه الادعاءات معروفة جيدا سواء للاسرة الدولية أم للمدعية العامة وطاقمها. فضلا عن ذلك، فان التمسك بادعاءات غياب الصلاحيات غريب على اقل تقدير. فاسرائيل عمليا لا تنفي ارتكاب جرائم حرب،  بل تركز على مسألة من هو المخول لمحاكمتها، اذا كان هذا ممكنا على الاطلاق، وتتهم المحكمة بالتسيس.

​غريب أكثر من ذلك هو الادعاء بانه يجب ابقاء مسألة النزاع الاسرائيلي الفلسطيني للحوار والمفاوضات وان الاجراء القانوني سيمس به فقط، بينما واضح للجميع بانه لا توجد مسيرة كهذه على جدول الاعمال لان حكومة اسرائيل غير معنية بها. وعلى أي حال فان الحكومة نفسها تعرب عن تأييد علني متعاظم للضم. كما ادعى سياسيو اسرائيل بان على الفلسطينيين أن يقرروا اذا كانوا هم دولة سيادية – يمكنها أن تكسب الصلاحيات للمحكمة – أم أرضا محتلة ليس لها سيادة. هذا ايضا ادعاء قانوني قديم ومعروف، ولكنه سخيف من ناحية سياسية: اسرائيل في واقع الامر تعترف بذلك بان الفلسطينيين هم تحت الاحتلال وليسوا ذوي سيادة.

​ان قرار المدعية العامة هي صافرة انذار أخيرة لحكومة اسرائيل ومؤسساتها المعنية بالتنكر لواقع الاحتلال. وفي الاشهر القريبة القادمة ستقرر المحكمة اذا كانت بالفعل ستفتح تحقيقا. الى جانب التخوف من نتائج التحقيق، مؤسف ان اسرائيل غير قادرة على الاعتراف بالمأساة التي تحدثها هي نفسها بعمى وبغرور – الاحتلال والمستوطنات – وان تهديدا خارجيا فقط كفيل بان يفتح عيونها.

Related Posts

رئيس أركان الجيش الإسباني: لا تهديد عسكري من المغرب تجاه سبتة ومليلية والوضع مستقر.

أكد الأميرال تيودورو لوبيز كالديرون، رئيس أركان القوات المسلحة الإسبانية، أن مدينتي سبتة ومليلية لا تواجهان أي تهديد عسكري وشيك من الجانب المغربي، مشدداً على أن “هذا السيناريو غير مطروح…

زاكورة: مشاريع ثقافية وشبابية بأزيد من 98 مليون درهم ووزير الشباب يزور موقع “فم الشنة” الأثري.

قام وزير الشباب والثقافة والتواصل، صباح اليوم، بزيارة ميدانية إلى إقليم زاكورة، حيث أشرف إلى جانب عامل الإقليم وعدد من رؤساء الجماعات الترابية، على توقيع سلسلة من اتفاقيات الشراكة الرامية…

اترك تعليقاً

You Missed

حادثة سير مأساوية تودي بحياة طفل وسائق طاكسي بين الحاجب وآزرو.

حادثة سير مأساوية تودي بحياة طفل وسائق طاكسي بين الحاجب وآزرو.

نواكشوط: الوزير الأول الموريتاني يستقبل سفير المغرب لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي.

نواكشوط: الوزير الأول الموريتاني يستقبل سفير المغرب لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي.

طنجة: رجل يتنكر في زيّ امرأة لتسجيل رضيع بمحكمة الأسرة ومحاولته تثير الشبهات.

طنجة: رجل يتنكر في زيّ امرأة لتسجيل رضيع بمحكمة الأسرة ومحاولته تثير الشبهات.

إيداع ثلاثة موظفين بوزارة العدل سجن عكاشة في قضية سمسرة قضائية.

إيداع ثلاثة موظفين بوزارة العدل سجن عكاشة في قضية سمسرة قضائية.

أزيد من 1.5 مليون فرد من الجالية المغربية يعودون إلى أرض الوطن في إطار عملية “مرحبا 2025”

أزيد من 1.5 مليون فرد من الجالية المغربية يعودون إلى أرض الوطن في إطار عملية “مرحبا 2025”

تصاعد مقلق لجرائم المختلين عقلياً في المغرب: 254 قضية جديدة منذ بداية 2025.

تصاعد مقلق لجرائم المختلين عقلياً في المغرب: 254 قضية جديدة منذ بداية 2025.