
هوسبريس_خالد غوتي
أثارت واقعة منع دخول جثمان سائق مغربي مهني عبر معبر الكركرات الحدودي موجة استياء واسعة في أوساط السائقين المغاربة العاملين بالخارج، بعدما ظل الجثمان عالقًا لأكثر من 48 ساعة داخل سيارة تبريد، في ظروف غير إنسانية، رغم استيفاء كافة الشروط القانونية والصحية اللازمة لنقله إلى أرض الوطن.
السائق الراحل كان يؤدي مهامه في موريتانيا قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، يوم السبت الماضي، متأثرًا بمضاعفات إصابته بحمى الملاريا، وفق ما أكدته شهادة وفاة رسمية صادرة عن مفوضية شرطة “بلعوينة” بمدينة نواذيبو، وبحضور ممثلين عن القنصلية المغربية، وقد أصدرت هذه الأخيرة ترخيصًا رسميًا بترحيل الجثمان نحو المغرب، مرفقًا بكافة الوثائق الإدارية والطبية المطلوبة.
ورغم اكتمال الإجراءات، فوجئت أسرة المتوفى وزملاؤه السائقون، برفض غير مبرر من السلطات المحلية بمعبر الكركرات لعبور الجثمان إلى التراب الوطني، دون تقديم توضيحات رسمية، وهو ما عمّق حالة الغضب والذهول في صفوف المهنيين.
الجثمان، الذي بقي في درجة حرارة مرتفعة داخل شاحنة التبريد لأكثر من يومين، بدأ في التحلل، مما تسبب في انبعاث روائح كريهة، وصفها السائقون بأنها “إهانة لحرمة الموتى”، و”ضرب صارخ لكرامة مواطن قضى نحبه وهو يؤدي واجبه المهني في ظروف صعبة خارج الوطن”.
واعتبر السائقون المهنيون أن هذا السلوك “غير المقبول” يمسّ كرامتهم ومكانتهم كمحرك رئيسي للتبادل التجاري بين المغرب ودول غرب إفريقيا، ملوّحين بخوض خطوات تصعيدية في حال عدم تسريع إجراءات نقل الجثمان إلى مسقط رأس الفقيد بإقليم تارودانت، حيث تنتظر عائلته المكلومة دفنه.
وقد أعادت هذه الواقعة المؤلمة إلى الواجهة مطلبًا قديمًا لدى المهنيين، بضرورة إرساء بروتوكول وطني واضح للتعامل مع حالات الوفاة في الخارج، يضمن احترام كرامة المتوفين وسرعة التكفل بنقلهم إلى أرض الوطن، مع إنشاء آلية طوارئ إنسانية دائمة للتدخل في مثل هذه الحالات الطارئة.
وفي ظل الغموض الذي ما زال يلف دوافع المنع من الجانب المحلي بمعبر الكركرات، تتعالى الأصوات المطالبة بفتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات وضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي مستقبلاً، خاصة وأنها تمسّ صورة المغرب في الداخل والخارج، وتؤثر على شريحة مهنية حيوية في النسيج الاقتصادي الوطني.