
هوسبريس- علي بريكي
في خطوة استراتيجية تعكس تحولاً نوعياً في توجهات المملكة نحو ترسيخ سيادتها الصناعية والعسكرية، أعلن المغرب عن انطلاق أول مشروع وطني لتصنيع العربات المدرعة، وذلك بإقامة مصنع متخصص في إقليم برشيد، في إطار شراكة بين إدارة الدفاع الوطني وشركة Tata Advanced Systems الهندية.
المصنع الجديد سيُخصص لإنتاج العربة المدرعة البرمائية WhAP 8×8، بنُسخ متعددة تتلاءم مع مختلف المهام القتالية، ما يعزز قدرات القوات المسلحة الملكية في مجالات التدخل السريع وحماية الحدود ومواجهة التهديدات المتنوعة، المشروع يندرج ضمن رؤية شمولية لتعزيز الاستقلالية الدفاعية، وتقليص الاعتماد على الخارج في مجال التسلح، عبر تطوير منظومة إنتاج عسكري محلي.
ويأتي هذا المشروع ضمن اتفاقية أوسع تشمل إنشاء شركة فرعية بين وكالة المساكن والتجهيزات العسكرية (ALEM) وشركة MEDZ، التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، والتي تُعنى بتهيئة وتطوير مناطق صناعية متخصصة في الصناعات الدفاعية، وتوفير بنية تحتية متكاملة لجذب الاستثمارات التكنولوجية ذات الصلة.
الطاقة الإنتاجية للمصنع تصل إلى 100 عربة سنوياً، ومن المرتقب أن يوفر 90 منصب شغل مباشر و250 وظيفة غير مباشرة، مع طموح إلى رفع نسبة التصنيع المحلي تدريجياً من 35% إلى 50%، وذلك في أفق نقل التكنولوجيا وتكوين كفاءات مغربية قادرة على تطوير الصناعة العسكرية الوطنية.
يمثل هذا المشروع نقطة تحول في مسار تحديث القوات المسلحة الملكية، التي تشهد في السنوات الأخيرة طفرة نوعية على مستوى العتاد والجاهزية العملياتية، كما يندرج ضمن رؤية يقودها الملك محمد السادس، ترمي إلى تحقيق السيادة الصناعية والعسكرية، وتأسيس قاعدة إنتاج دفاعي مغربي تنافس إقليمياً، وتتماشى مع متطلبات الأمن القومي للمملكة في ظل المتغيرات الجيوسياسية المتسارعة.
هذا التوجه يعكس إرادة واضحة لدى الدولة لبناء منظومة دفاع مكتفية ذاتياً، تنسجم مع طموحات المغرب للعب دور محوري في معادلات الأمن الإقليمي، ليس فقط كمستهلك للمنظومات الدفاعية، بل كمنتج ومطوّر لها، في إطار شراكات دولية قائمة على نقل التكنولوجيا والتصنيع المشترك.