مأساة في عين عتيق: موظفو مؤسسة خيرية في قبضة الرعب… والمدمنون يفرضون قانونهم.

في قلب منطقة عين عتيق، تعيش مؤسسة خيرية كانت يومًا عنوانًا للرحمة والتكافل، كابوسًا يوميًا عنوانه الخوف والعنف والفوضى منذ تأسيسها في 9 يوليو 1977، استقبلت المؤسسة مئات النزلاء من ذوي الأمراض العقلية، حيث تحتضن اليوم أكثر من 800 نزيل، من بينهم 700 يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية، لكن ما كان يُفترض أن يكون فضاءً للرعاية، تحوّل إلى ساحة حرب يواجه فيها الموظفون مصيرًا مظلمًا، لا لذنب سوى أنهم اختاروا خدمة الضعفاء.

حين شرف الملك المؤسسة… وخاب الأمل

رمضان 2011 حمل بارقة أمل، حين شرفها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بتدشين ملكي رسمي، في خطوة رأى فيها المغاربة تعزيزًا للرعاية الاجتماعية والاهتمام بالفئات الهشة، لكن ما إن غابت الكاميرات، حتى انفجر الواقع المرير، لتبقى المؤسسة وحيدة في مواجهة مدمنين يفرضون هيمنتهم، وعنف يتزايد يوما بعد يوم، دون رادع أو حماية.

عنف ممنهج… ومدير المؤسسة تحت الحصار!

لم تعد الاعتداءات مجرد حوادث معزولة، بل تحولت إلى سلوك ممنهج. بعض النزلاء – من المدمنين والمتعاطين – شكلوا ما يشبه العصابات داخل الجدران، يهاجمون الموظفين ويبتزونهم بالقوة إحدى هذه العصابات تجرأت على اقتحام مكتب المدير، وعاثت فيه تخريبًا، واضطر الرجل إلى اللجوء للقضاء بعد أن ضاق به الحال،لكن رغم تقديم شكاية لدى وكيل الملك لم تُنصف المؤسسة كما يجب، فالأحكام كانت مخففة، والعناصر الخطيرة عادت إلى مكانها الأصلي… لتُكمل مسلسل الترهيب والتدمير!

الرعب في وجوه الموظفين… والأسر تدفع الثمن

كيف يمكن لموظف أن يؤدي مهامه وسط هذا الرعب؟ كيف لممرضة أو مربي أو عامل نظافة أن يقدم خدمة إنسانية وهو يخشى على حياته كل لحظة؟ العديد من العاملين يعيشون على وقع التهديد اليومي، ومزاجهم النفسي مهدد بالانهيار، وأسرهم كذلك في قلق دائم، وأبناءهم لا يعرفون إن كان آباؤهم سيعودون سالمين أم سيصبحون مجرد خبر في نشرة الحوادث.

من يحمي من اختار خدمة الوطن في صمت؟

الأسئلة تتفجر بقوة:

من الجهة المسؤولة عن هذه الفوضى؟

لماذا تصمت وزارة الداخلية؟

أين وزارة التضامن والتعاون الوطني؟

من يُفترض به التدخل: ولاية الرباط أم عمالة تمارة؟

غياب الوضوح في من يملك قرار التحرك، شجع الجناة على التمادي، وترك الموظفين يواجهون مصيرهم وحدهم.

استيلاء على العمارات… ونزلاء بلا مأوى!

في مشهد سريالي، استحوذ بعض هؤلاء المدمنين ومرافقيهم على عمارات سكنية كاملة داخل المؤسسة، بينما نزلاء آخرون – في أمسّ الحاجة للمأوى – يبيتون في العراء، ضحية لهذا الاستهتار والتسيب، إنها فضيحة بكل المقاييس، تجعلنا نتساءل: من يُسيّر هذه المؤسسة؟ ومن المستفيد من ترك الأمور تنفلت بهذا الشكل؟

ناقوس الخطر دقّ… فهل هناك من يسمع؟

الوضع لم يعد يحتمل التأجيل فالمؤسسة مهددة بالانفجار والموظفون على حافة الانهيار، والنزلاء الأبرياء بين سندان الإهمال ومطرقة العنف، والمطلوب تدخل فوري، حازم، وفعّال من السلطات الأمنية والإدارية، لإعادة الانضباط، وإنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسة التي كانت يومًا مفخرة وطنية.

إذا لم تتحرك الجهات المعنية الآن، فإن القادم سيكون أسوأ، وربما نسمع قريبًا عن جرائم مأساوية داخل أسوار مؤسسة لا ذنب لها سوى أنها حاولت أن تكون ملجأ للضعفاء.

فهل من مستجيب؟

Related Posts

الربط السككي الجهوي RER يربط الصخيرات بالقنيطرة عبر 12 محطة.

كشفت وزارة النقل واللوجيستيك عن مشروع الربط السككي الجهوي (RER) الأول من نوعه في المغرب، والذي سيغطي محور الصخيرات – الرباط – القنيطرة، في خطوة استراتيجية لتعزيز النقل العمومي ومواكبة…

اترك تعليقاً

You Missed

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يرسخ موقعه كمركز استراتيجي لدمج الغاز العائم في التحول الطاقي.

المغرب يرسخ موقعه كمركز استراتيجي لدمج الغاز العائم في التحول الطاقي.

إيران تعتذر لقطر: الهجوم على “العديد” لم يستهدفكم.

إيران تعتذر لقطر: الهجوم على “العديد” لم يستهدفكم.

ترمب: دمرنا منشآت إيران النووية كما فعلنا بهيروشيما… وأنهينا الحرب.

ترمب: دمرنا منشآت إيران النووية كما فعلنا بهيروشيما… وأنهينا الحرب.