تونس تغرد خارج السرب المغاربي: مواقف متذبذبة تهدد علاقاتها مع المغرب.

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، جدّد الرئيس التونسي قيس سعيد تأكيده على “ثوابت الدبلوماسية التونسية”، خلال استقباله وزير الخارجية التونسي بقصر قرطاج نهاية الأسبوع الماضي، وأكد سعيد أن الدبلوماسية التونسية يجب أن تكون أكثر إشعاعًا عالميًا، سواء على المستويات التقليدية أو الاقتصادية، وأشار إلى أن من بين أبرز هذه الثوابت “حق الشعوب في تقرير مصيرها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”، وفقًا لبيان رسمي نشرته رئاسة الجمهورية التونسية عبر صفحتها على “فيسبوك”.

لكن هذا التصريح أعاد تسليط الضوء على موقف تونس المتذبذب من قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، في ظل الغموض الذي يكتنف توجهاتها الرسمية تجاه النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، فبينما يتمسك المغرب بموقفه السيادي والشرعي المدعوم دوليًا بخصوص صحرائه، تبدو تونس في حالة من التردد والانزلاق نحو مواقف لا تخدم استقرار المنطقة المغاربية، وهو ما انعكس بشكل واضح في الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين البلدين سنة 2022، عندما أقدمت تونس على استقبال زعيم جبهة البوليساريو خلال قمة “تيكاد”.

هذا التصرف، الذي وصف آنذاك بالاستفزازي، عمّق الشرخ بين البلدين، خاصة وأنه يتعارض مع مبدأ حسن الجوار وروابط التاريخ والجغرافيا التي تجمعهما، وبدلاً من تصحيح المسار وتعزيز التعاون المغاربي، تبدو تونس وكأنها تغامر بمصالحها مع المغرب، الذي يُعد شريكًا استراتيجيًا واقتصاديًا لا غنى عنه.

وفي الوقت الذي يحظى فيه المغرب بدعم دولي واسع لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام، يثير الغموض التونسي تساؤلات حول المكاسب التي تسعى تونس لتحقيقها من خلال مواقفها غير الواضحة، لكن الأكيد أن استمرارها في هذا النهج سيجعلها الخاسر الأكبر على مستوى العلاقات الثنائية، خاصة وأن المغرب أثبت قدرته على بناء شراكات قوية مع دول وازنة إقليميًا ودوليًا.

إن الحفاظ على استقرار المنطقة المغاربية رهين باحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، وهو ما يستدعي من تونس مراجعة مواقفها لتجنب مزيد من العزلة السياسية والاقتصادية في محيطها الإقليمي.

اترك تعليقاً