
تستعد الحكومة المغربية للتصويت يوم الثلاثاء 3 ديسمبر على مشروع قانون تنظيمي للإضراب، وهو قانون أثار جدلاً واسعاً منذ إيداعه لأول مرة في البرلمان عام 2016، وبينما تصر الحكومة على أن القانون يهدف إلى تنظيم ممارسة حق الإضراب بما يضمن التوازن بين حقوق العمال واستمرارية العمل، ترى النقابات والفعاليات العمالية فيه محاولة لتكبيل الحركات الاحتجاجية وتجريد العمال من أهم أدواتهم النضالية.
سلبيات القانون وفق النقابات
يشير معارضو القانون إلى جملة من المقتضيات المثيرة للجدل التي تجعل من ممارسة الإضراب مهمة شبه مستحيلة:
1. حصر دوافع الإضراب: ينص القانون على اقتصار الإضرابات على المطالب الاقتصادية والاجتماعية فقط، ما يمنع الإضرابات السياسية أو التضامنية، التي كانت تقليدًا في الحركات العمالية للتعبير عن مواقف وطنية أو للدفاع عن حقوق فئات أخرى.
2. إجراءات تنظيمية معقدة: يُشترط إخطار مسبق بفترة طويلة قبل إعلان الإضراب، مع توفير مبررات دقيقة للأسباب، وهو ما يُعتبر قيدًا إضافيًا على القدرة العمالية على التعبير السريع عن احتجاجاتهم.
3. عقوبات صارمة: يتضمن القانون عقوبات تأديبية وربما حتى جنائية ضد العمال والنقابات الداعية إلى الإضراب، مما يفتح الباب أمام استغلاله كوسيلة لمعاقبة الموظفين ومنع ترقياتهم المهنية.
4. الحد من التمثيلية النقابية: القانون يضع شروطًا صارمة على النقابات المعلنة للإضراب، مما يضيق الخناق على الحركات النقابية المستقلة أو غير الموالية.
من يخدم هذا القانون؟
يرى المنتقدون أن القانون يعزز مصالح أصحاب المصانع والباطرونة، الذين طالما طالبوا بوضع حد للإضرابات التي تؤثر على الإنتاجية وتسبب خسائر اقتصادية. وفي المقابل، يُتوقع أن يضعف هذا القانون القدرة التفاوضية للعمال، مما يزيد من هشاشة أوضاعهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة واستمرار تفاقم الفجوة بين الفئات الاجتماعية.
مخاوف النقابات
عبد الله غميمط، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، وصف القانون بأنه “انتكاسة لحقوق العمال” لأنه يضيق على الحريات النقابية ويمنع أشكال الإضراب التي تعترض على السياسات العامة للحكومة، مثل الإضرابات ضد الغلاء. من جانبه، دعا عبد الإله دحمان، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إلى العودة إلى طاولة الحوار الاجتماعي ومراجعة هذا القانون لضمان التوازن بين حقوق العمال ومصالح المشغلين.
رهانات الحكومة
تدافع الحكومة عن مشروع القانون على أساس أنه “التزام دستوري” يهدف إلى تنظيم حق الإضراب المنصوص عليه في دستور 2011. وأكد وزير الإدماج الاقتصادي، يونس السكوري، أن المشروع جاء نتيجة مشاورات طويلة مع الشركاء الاجتماعيين، مشيرًا إلى أن الحكومة تسعى لإقراره بمقاربة تشاركية. ومع ذلك، يظل التساؤل قائماً حول مدى استعداد الحكومة لتقديم تنازلات تُرضي النقابات والعمال، خاصة في ظل الأغلبية المريحة التي تتمتع بها في البرلمان.
إذا تم تمرير القانون بصيغته الحالية، قد يكون لذلك انعكاسات سلبية كبيرة على الحركات العمالية، حيث يُنظر إليه كوسيلة لتقييد الحق في الإضراب، الذي يعتبر سلاحًا أساسيًا للدفاع عن حقوق العمال وتحقيق مطالبهم. ومع ازدياد الاحتقان الاجتماعي والإضرابات الفئوية في الأشهر الأخيرة، قد يؤدي إقرار هذا القانون إلى تأجيج التوترات بين الحكومة والطبقة العاملة.
بقلم خالد غوتي