رقْصَة أمْواج عاشِقَة مع محمد نخال

 


تسِيرينَ مُخْتالةً على الشاطئ كحُورية شقراء بين الشِّعاب المرْجانية، أقْتَفي أثَرَكِ وقدْ أسْكَرتْني المَحبّة، وسَبحَتْ رُوحي في مَلَكُوت المُتْعَة، فآنْحَجَبَ عنّي كل ماحَوْلي، لم أعُدْ أرى سواك، أحاولُ عَبَثا أن أمْنعَ الأمواجَ، من طَمْس آثارِ أقدامكِ على الرمال الزّاهية ، تُسابِقُني وأُسابِقُها كمجْنونٍ يَسْعى لحَجْب بسْمَة البَدر، من على وجْنَة الجَداول الهائِمة بين الفِجاج العمِيقة.
أقْتَفِي مسِيرك، تبتَعِدين، أُسْرِعُ الخُطا لألْحقَ بكِ، أدْنُو منك، أقفُ حائرا، لا أريدُ أن أفْقِد نشْوَة التّأمُّلِ فيك، وأُضِيعَ نكْهةَ مُراقبَتكِ من بعيد.
قِوامُك الرّشيقُ يُنْهِكُني، ويسْتفِزُّ الأمْواج العاتية، فتُعانِقُ من هُيَامٍ فيكِ الصّخُور الصَّماء، تَبْعثُ في أرْجائها الحياة وتجْعلُها نَدِيما، تركُضُ بشُمُوخ باذِخٍ نحْوكِ رَكْضَ خيْلٍ جامِحَةٍ، تدُكُّ بِحَوَافِرِها حَصْباء الوادي في حَرْبِ التّحْرير.
تتَسابقُ لِلَمْسِ سِيقانِك العاجِية، والتَّحَنُّتِ بها تحَنُّتَ القَوْم بأصْنِام الجاهِلية، تتشَبَّتُ بأسْتارِ خِصْرك النَّحِيف، تجْثُو بين أحْضانِك، ترقُصُ من فرحةٍ بقدومكِ، رقْصَةَ الهُنُودِ الحُمْرِ حول النَّار المُقدّسة، تَرُشُّكِ برَذاذ مُعطَّر، وتردِّدُ من بهْجةٍ أنغامَ طيُورِ النّوْرَس العائِدة إلى أوْكارها بعد يومِ عَناء .
أُوشِكُ أن أفْقِد صَوابي مِن لَهَفٍ عليكِ، أسْتَعْجِلُ اللِّحاقَ بك، وأنتِ تسِيرين نحو غُروبٍ فاتِن، اسْتَمَدَّ حُمْرَتَهُ من شَفتَيْكِ، والشّمس في لحظاتها الأخيرة، تُرسلُ أشّعتها الذهبية ليَمْتَزِجَ لونُها بضَفائِرك المخْمَلية، امْتِزاجَ ألْوانِ الطَّيْفِ بِعَبَراتِ غَيْمةٍ حَزينَة في كَبِد السّماء، أغارُ من نُسَيْماتِ المَساء الحَالم، وهي تُداعِبُ خِصلات شَعرك الحريرية المُنْسابة.
لا أستطيعُ المقاومة، نَفَذَ صَبْري، أُسْرعُ الخُطى وعلى غَفلةٍ مِنك، أُغمِضُ عينَيْكِ بيَدَيَ المُرْتَجِفتَيْن من ولَعٍ فيك، وأُقبِّلُ هامَتَكِ السّاحرة فيَصْعَقُني عِطرُ أنْفاسِكِ، تبْتسِمينَ ابتسامةَ القمر في ليلة التَّمام، يطيرُ عقْلِي ويهبَلُ، تَهْمِسين في أذُني بِهمْسِ النَّدى في قلبِ الأزهار البَرية، وبصَوْتٍ أعذبَ من نغمة نايٍ حزين، وأجْمل من تغْريدَة البلابِل تقُولين: أعرفُ أنّكَ هُنا يا حبيبي، أحسَسْتُ بوُجُودِكَ وأنتَ تَقْتَفِي أثَري مُنْد حِين، أعْرفُ أنك مَلاكي الذي يَحْرُسُني من عَوَادي الزّمان، لِذا سِرْتُ أمامَك باطمئنان، أنْتظرُ بُزُوغَكَ يا فارسي المِقدام، لِتحْمِلني على صدركَ وعلى فرَسٍ من الأحلامِ الجميلة، ترْحلُ بي نحوَ عوالم المُتْعَة الأبَدية، هناك أُغَنِّي لكَ وحْدَكَ ، وأحْكي لكَ وحْدَكَ، ونَرْتَشِفُ معا إكْسِيرَ الحياة من مَعِين الوَجْدِ الصّافي، نَنْسى ما بِنَا، نتَوَحَّدُ، ننْصَهِرُ، نذُوبُ كُلّيا في بعْضِنا.
من هُناك يا حبيبي إلى هُنا، لنْ نعُودَ أبدا……
(محمد نخال)

اترك تعليقاً