أصبحوا بدون شهادة السكنى، بعدما كانوا قاطنين، لا يشتغلون ولا يدخلون المستشفى
بقلم: حسن غوتي
لا يزال سكان دوار العرحة سابقا ودوار الجديد المقصيين من الاستفادة من السكن الإجتماعي المخصص لإعادة إيواء قاطني دور الصفيح …يعانون الويلات والحرمان من أبسط حقوقهم التي سلبت منهم بين ليلة وفجرها، فبعدما كان هؤلاء يعيشون داخل بيوتهم القصديرية لا يفكرون إلا في لقمة العيش، وكيف يتمكنون من توفير مصاريف تلك اللقمة أو “ضغمة الخبز” ، وبعدما كانوا يتوفرون على شهادة السكنى،موقعة من طرف السلطات المحلية، أصبحوا اليوم فاقدين كل شيء…غطاؤهم السماء وفراشهم الأرض…نعم هم اليوم محرومون من وثيقة شهادة السكنى رغم أنها حق من حقوقهم الدستورية، لتزيد من بؤسهم ومن حرمانهم وتعمق من عيشهم في الأوحال كما هو الحال بالنسبة لدوار أمحيجر والعرجة سابقا، الدوارين اللذين كانا يضمان المئات من البراريك، استفادت فئة وبقيت أخرى وحرمت الأخرى حتى من الحلم، حلم التطلع للتوفر وامتلاك مسكن يوفر الكرامة والإنسانية، بعدما كانوا يتوفرون على براكة كانت على الأقل تجمع الأسرة مع أفرادها ولو لساعات معدودات …العديد من الأسر أخرت زواج أبنائها وبناتها بسبب عدم تجديد بطائق التعريف الوطنية من أجل توثيق عقود الزواج، كما ضاعت على الكثيرين فرص العمل لنفس السبب وهو تقادم او انتهاء صلاحية البطاقة …تلك بعض المعاناة للمقصيين من السكن او ما بات يسمى بأصحاب الشكايات.
دواري العرجة( الشكايات) وأمحيجر بالإضافة لدوار الشياحنة والحجر من أكبر الدواوير الصفيحية كثافة سكانية وهم يعدان من أشهر أحزمة الفقر بالصخيرات متبوعين بالدايمة وعويطة والرحامنة والكاربون…يصادف المتجول بين زقاقهم ودروبهم الضيقة جميع مظاهر البؤس والتهميش المنقوشة كجرح غائر على معظم البيوت الصفيحية المكونة له.
نفس المشهد يعيد نفسه أمام كل مدخل من مداخل الدواوير…شبان متكئون على جدران مهترئة وباردة …يعرب جميع من بلغ منهم السن القانونية عن تذمرهم واستيائهم الشديدين من حرمانهم من أبسط حقوقهم المكفولة قانونا ومنها احقيتهم في الحصول على شهادة السكنى تثبت انهم قاطنين او كانوا ساكنين بالبراكة القصديرية، وبالتالي الجواب على إقصائهم من السكن…المعروف في العرف المغربي هو ان كل من له شهادة السكنى فهو قاطن لكن الحقيقة المرة هي (طلع تاكل الكرموس نزل شكون قالها لك) .
شباب ورجال ونساء يعانون الحرمان من حقهم في الشغل إذ لا يسمح لهم بولوج سوق الشغل لا بطائق وطنية لهم ويعانون كذلك من الحرمان من حق توثيق الزواج والطلاق الشرعيين لان المحاكم لا توثق عقود الزواج بدون هوية، ويعانون من الحرمان من حقهم في العلاج لان المستشفيات والمصحات لا تسمح بالإستفادة من خدماتها بدون بطاقة وطنية، دون ذكر الإشكالية العظمى وهي فقدان السكن بعدما كانوا قاطنين وكانوا يتوفرون على شواهد السكنى، لكن ماذا وقع …؟!! ثم هل هكذا تفهم التنمية البشرية…؟!!