
حسناء الحيرش
على بُعد أشهر قليلة من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وفي سياق الفوضى التي تسبق هذه المحطة، احتدم الجدل في إقليم سيدي بنور بشأن انطلاقة هذه الظاهرة، وهو الاقليم المعروف على غرار معظم أقاليم المملكة بأن القوة الحزبية فيه لا تساوي شيئا في المعادلة الانتخابية، بقدر ما ينظر إلى الشخص كأحد الأعيان وجاه ونفوذ، إضافة إلى سوابقه على مستوى ما حققه من مواقع الانتداب الانتخابي، من مشاريع ودعم للشباب والفئات المحتاجة…
كثيرون ممن يتربصون بالمؤسسات التمثيلية التي ستفرزها المحطة القادمة، بدأت روائح بحثهم عن رحلات نحو وجهات جديدة تفوح، لكن ساكنة سيدي بنور ممن يتابعون الشأن السياسي المحلي، يهتمون بشكل خاص بأخبار أبرز سياسي شاب بالاقليم، ويتعلق الأمر بعبدالفتاح عمار، رئيس الغرفة الفلاحية لجهة الدارالبيضاء – سطات، الناس تتساءل بهذا الاقليم، ونحن على بعد أشهر قليلة من الانتخابات، عن الوجهة الجديدة لعبدالفتاح عمار..أم انه سيظل في مكانه بحزب الجرار..؟..يتساءلون وإن كانت الأحزاب السياسية بالنسبة لهم مجرد واجهات سياسية تتشابه في كل شيء، حتى وإن اختلفت في مرجعياتها.
غير أن العارفين بخبايا الأمور بالاقليم، يرون أن الشخص المذكور، والذي كان يعتبر الى وقت قريب أحد الأعمدة الأساسية التي يقوم عليها حزب الأصالة والمعاصرة بالاقليم، لم يعد ما يغريه قائما بحزب الجرار حتى لا يشد الرحال نحو وجهة جديدة، يتوقعون، أن تكون حزب الميزان.
على العموم، عدم الوفاء للون سياسي معين، هو ثقافة، تعد من الروافد التي يتغذى عليها الفعل السياسي في بلادنا، لأسباب تتصل في مجملها بهشاشة قيمة الالتزام السياسي في العلاقة بين الأحزاب والمنخرطين فيها، وتفشي القيم المصلحية الانتهازية في مناخ سياسي يستعصي على التغيير، نحو آليات جديدة، تقطع مع الانتهازية والربع السياسي.
هناك أسماء كبيرة في الشأن الحزبي، تحترف الانتخابات، وتتمتع بشعبية كبيرة في مناطق ترشيحها، تغيير الأحزاب التي تترشح باسمها يشبه تغيير اي معطف ترتديه، ومع ذلك تحافظ على مناصبها الانتخابية في أي استحقاقات..
فهذا روتين موسمي، كلما نودي الى صناديق الاقتراع، يشد محترفو الانتخابات الرحال نحو الوجهات التي تضمن لهم البقاء في المنصب، وتبدأ الأحزاب السياسية بدورها في التنقيب عن “الكائنات الذهبية” التي تضمن تمثيليتها في هذه المنطقة أو تلك…هكذا هي الانتخابات في المغرب، وهكذا ستبقى ما لم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية للقطع مع الترحال السياسي الذي هو في الحقيقة مشكلة ثقافية وأخلاقية تعطي فكرة سيئة عن الأحزاب في بلادنا.