
على مدى ثلاثة ايام كنت حاضراً لجلسات مؤتمر النواب الليبيين في مدينة طنجة، و بعد إنتهاء إحدى الجلسات واثناء الإستراحة لتناول القهوة اثار إنتباهي مزاح و ضحكات متبادلة بين اعضاء البرلمان، قلت في نفسي واضح أنهم نواب منطقة واحدة “بنغازي أو طرابلس، ملأت كوب القهوة، وبفضولي الذي يلازمني لاحظت ستة من الأعضاء واقفين واصوات ضحكاتهم تملأ القاعة التي تجمعنا…قاطعت حديثهم ..عرفتهم بنفسي ..ثم كان سؤالي: أنتم برلمانيون من طرابلس ام بنغازي؟.
رد احدهم، انا من بنغازي وصديقي هذا، اما باقي الإخوة فمن طرابلس…عجباً لكم تضحكون و تتبادلون في ود اخوي الحديث عن هموم الوطن وأنتم بعيدون عن أرضه، فلماذاً إذا القتال على أرضه ؟…للماذا لا تصمت أصوات الطائرات و المدافع والمرتزقة و الخطوط الحمراء والزرقاء و التقسيم؟.
تقدم احدهم ..من قال لك أننا كبرلمانيين بيننا خلافات؟ فلم نحضر إلى هنا إلا وأملنا أن نجد مخرجا دستوريا للأزمة العسكرية و السياسية التي تعيشها ليبيا…ضحكاتكم ملأت القاعة وطالما هذه الروح الوطنية الطيبة موجودة فلماذا التأخير في بدء البناء؟…صمت قليلاً. ثم رد بصوت خافت حزين، الأطراف الخارجية هي التي لا تريد أن ترى عودة ليبيا كدولة آمنة مستقرة و تخطط للسيطرة على ثرواتها و تبحث لها عن مكانة سياسية. حتى وإن كان على حساب إقتتال الليبيين و تقسيمها. شكرتهم ثم إستأذنت.
تذكرت هذه الواقعة حين قرأت عن تحريك اللواء المتقاعد حفتر لبعض قواته و رسائله المشبوهة التوقيت للقاهرة و محاولة عقيلة صالح إفساد و حرق وبعثرة كل الجهود المضنية التي بذلتها اطراف داخلية و جهود دولية مخلصة لإصلاح ما أفسدته سنوات السلاح و الرماد و البنّاء على ما توصلت له إجتماعات البرلمانيين في المغرب ومخرجات مؤتمر تونس.
للأسف كلما لاحت في الأفق بادرة لحل سياسي سلمي يحفظ للشعب الليبي أمنه وإستقراره وثرواته ووحدة أراضيه، إلا وأبى جنرالات الحرب وتجار السلاح ومتعهدي المرتزقة إشعالها مرة اخرى.