

المعلق السياسي “أندرو سوليفان” وصف المناظرة الأخيرة التي جرت بين المرشح الجمهوري ترامب و الديمقراطي بايدن بأنها أدنى نقطة في الثقافة السياسية الأمريكية في حياته. “كانت تلك فوضى عارمة داخل حريق في القمامة داخل حطام قطار. كان هذا أسوأ نقاش رأيته في حياتي. في الواقع ، لم يكن الأمر مجرد نقاش ، لقد كان وصمة عار.”
كثيراً ما كُتب عن المُثل والمباديء و القيم التي قامت عليها الحضارة الأمريكية الحديثة يجمع الكثير من المفكرين و الساسة على أنها أصبحت في مهب الريح.
المتابع لسلوك الإدارة الأمريكية الحالية خاصة منذ ظهور جائحة كرورنا و كيف سقطت في إمتحان القوة الأكبر التي ينتظر منها الجميع ان تساندهم في هذه الظرفية الوبائية المخيفة و إذا بها تهرب إلى ذاتها و تتحصن بالأنا دون مراعاة أوجاع الآخرين لدرجة أنها تسطوعلى معدات طبية كانت متجهة إلى بلاد أخرى فكانت وصمة عار في جبينها الأخلاقي.
لكن هل ما تمر بها الولايات المتحدة حالة إستثنائية عرضية أم أنها أعراض الشيخوخة و بوادر إنهيار الأمم و الحضارات كما يقرر قاضي التاريخ؟.
في إعتقادي أن إنهيار الحضارة الأمريكية قادم لا محالة، ولكن هذا الجبل الضخم يحتاج إلى عقود حتى يستسلم لفلسفة التاريخ و لينصاع في النهاية إلى قدره المحتوم حتى وإن قام بعضاً من الوقت ولكن قبره محفور محفور.
لن أستطيع أن أعدد الظواهر التي تؤكد على أن قطار إنهيار الإمبرطورية الأمريكية بدأ يتحرك من محطاته، ولكن فقط سأدلل على ذلك بما حدث في أول مناظرة علنية بين المرشحين للرئاسة الأمريكية السيد ترامب و السيد بايد.
لو أرادت روسيا و الصين العدوتان اللدودتان للولايات المتحدة أن تسيء لها، ما فعلت مثلما حدث من ليلة الأربعاء الأسود، فقد كانت مروعة و مخيبة و مهينة لكل قواعد الديمقراطية و أسلوب المناظرات التي إبتدعتها السياسة الأمريكية منذ بداية أول مناظرة علنية 1948ونقلتها عنها الأكاديميات السياسية و المدارس الحزبية في العالم.
أجمع الكثير من الخبراء على أنها المناظرة الأسوء في التاريخ السياسي الأمريكي.. صراخ و مقاطعة و كذب و هروب من الإجابات بإسلوب رخيص.. في تصورى ان المرشحين خسرا ولكن خسارة بادين بتردده و تلعثمه و الفوضوي ترامب كانت أكثر فداحة، فالرجل جاء إلى المناظرة لإثارة الفوضي، لا للإجابة على الموضوعات التي حددت من قبل.
في النهاية الكهلان بايدن و ترامب استطاعا بكل براعة أن يمثلا الواقع الأمريكي بكل صدق دون روتوش او مكياج فأوصلا رسالة عن الحالة الأمريكية بشكل عام، بغض النظر عمن سيفوز، ففي كل الأحوال سننتظر حتى يأتي أحدهم ليكمل مسلسل الإنهيار ليفسح المجال للقطار السريع المتحرك من مرافيء الصين الشعبية الشيوعية.