عمر شاطا..مبدع الصحراء الذي عشق موكادور

هوسبريس

من ينصت لعمر المومني شاطا و هو يصدح بصوته الغيواني الجميل ، و هو يحملك على بساط النغم الرائع تدرك للتو أنك أمام فنان أصيل ، فنان ينبع فنه من أعماق الروح الإنسانية الأصلية ، و من ثنايا النفس التي تقدس الجمال و الفن في أحلى صوره .

عمر شاطا شاعر زجال و فنان أصيل ، لا يكتب من فراغ ، أو يجعل القصيدة لديه مجرد ترف زائد ، بل القصيدة عنده هي ذاته المكتوية بجمال الكلمة و حرقة السؤال .

هذا الفنان القادم من تخوم الصحراء و تحديدا من طاطا ، من هذا الجزء الغالي من الوطن يجعل منه شاعرا معبرا عن طموح أحلام شعب مرتبط بأرض الوطن ارتباطا قريا ، و متشبث بالهوية المغربية في أصالتها و حفاظها على وحدة التراب المغربي . الصحراء سكنته و سكنها ، فكان معبرا عن فضائها الشاسع ، و متمثلا لثقافتها و تقاليدها البدوية ، لثقافة الرحل في علاقتهم بالفضاء و البيئة .

عمر شاطا المومني شاعر و زجال بامتياز لأنه جمع بين الكتابة و الإنشاد و العزف و هي سمات قلما اجتمعت في غيره ، و أتقنها بشهادة من استمع له . حين هاجر هذا الزجال من طاطا محملا بمرجعياته الثقافية و الفنية و الصحراوية في أصالتها ليستقر بحاضرة موكادور ، مدينة النوارس و البحر و الفن و التشكيل …ستمنحه هذه القلعة العلوية المجيدة زادا جديدا و قوة إضافية سيكون مفعولها قويا في وجدانه و في علاقته بهذه المدينة التي استوطنت قلبه ، فعشقها حتى الثمالة ، و جعلها ملاذا له قلما يفارقها . هذه المدينة ستجعله يصدر ديوانه الأول – الريح المفقود – . قارئ هذا العمل سيكتشف و لا شك عمق تجربة هذا الشاعر ، و لغته الزجلية المتفردة و التي يحتضر فيها الشعر الحساني و الثقافة الحسانية . قصائد الشاعر لا تكرر نفسها ، أو تسير على نهج واحد ، بل إن الشاعر يعرف كيف يصوغ شعره بمهارة الزجالين الكبار ، و كيف يجعل من لغته لغة موحية منسابة تفتح أمام المتلقي أفاقا رحبة للقراءة ، و من تيمات قصائده أنهارا رقراقة تصب في جداول مختلفة ، حب الوطن ، الغزل ، الصحراء ، الإنسان ، العلاقات الاجتماعية … و غيرها كلها عوالم تستهوي الشاعر فيرحل بنا بعيدا خاصة عندما ينشدها بصوته الغيواني .

شارك الشاعر منشدا و قارئا و عازفا في العديد من الملتقيات في كثير من مدن المملكة ، فكان محط تقدير و إعجاب و تكريم . ديوانه الريح المفقود و ما يحمله العنوان من دلالات هو تجربة غنية لأنه جاء بعد تجربة طويلة من الممارسة و الإنصات إلى التجارب الأخرى من أصدقائه الزجالين الذين تزخر بهم مدينة الصويرة ، تجربة تركها الشاعر تختمر و تنضج ، لم يكن متسرعا في نشر ديوانه ، لذلك أعتقد أن تجربته الزجلية جديرة بالتقدير و بالدراسة و التمحيص ..عمر شاطا في النهاية يستحق أن يحمل لقب زجال بامتياز ، بعيدا عن الرداءة التي غدت تملأ الساحة الأدبية المغربية على مستوى هذا النوع من الإبداع الذي يستسهله الكثير . تحية لهذا المبدع الصحراوي النبع و الصويري الهوية و الهموم …

Related Posts

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

طرفاية – في إطار إبراز الموروث الثقافي والتاريخي الذي تزخر به مدينة طرفاية، تحدث مدير متحف “أنطوان دو سانت إكزوبيري” عن الأهمية الخاصة لهذا الفضاء الثقافي الذي يحتفي بحياة وأعمال…

محمد المهدي بنسعيد: المغرب يتعرض لهجمات إعلامية والمخيمات الصيفية لم تعد نشاطًا موسمياً فقط.

أكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، أن المغرب يواجه حملات إعلامية معادية من خصوم الوحدة الترابية، مستغلة الوسائط الرقمية ووسائل الإعلام الأجنبية، مشدداً على أن وزارته تتابع هذه…

اترك تعليقاً

You Missed

قصف إرهابي على السمارة يكشف الوجه الدموي للبوليساريو.. والجزائر في قفص الاتهام.

قصف إرهابي على السمارة يكشف الوجه الدموي للبوليساريو.. والجزائر في قفص الاتهام.

إحباط مخطط إرهابي خطير في الرباط بتنسيق مغربي-فرنسي.

إحباط مخطط إرهابي خطير في الرباط بتنسيق مغربي-فرنسي.

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يرسخ موقعه كمركز استراتيجي لدمج الغاز العائم في التحول الطاقي.

المغرب يرسخ موقعه كمركز استراتيجي لدمج الغاز العائم في التحول الطاقي.