السلطان والقرصان

معاريف– بقلم  عاموس غلبوع  – 19/12/2019

​” بينما تحول تركيا مناطق واسعة من البحر المتوسط فتجعلها “مياه اقتصادية” لها، فان اوروبا والولايات المتحدة تصمتان، وحتى في اسرائيل ينشغلون في السياسة الداخلية “.

​في 1571، قرب مضيق كورينتوس في اليونان،  في المكان الذي  يسمى لابينتو، الحق اسطول اوروبي مشترك هزيمة ساحقة بالامبراطورية العثمانية. ومنعت هذه المعركة  سيطرة عثمانية محتملة في البحر المتوسط. لقد كان للامبراطورية العثمانية جيش بري قوي، ولكن اسطول ضعيف تشكل في معظمه من رجال بحر يونانيين وسطاة بحار. اليوم، بعد نحو 450 سنة، يفهم اردوغان، الذي يرى نفسه كالسلطان التركي، اهمية الاسطول البحري.

​يوجد لتركيا الاسطول الاقوى في البحر المتوسط. ومفخرة الاسطول التركي هي 14 غواصة المانية متطورة (وعلى ما يبدو أربع غواصات اخرى مخطط لشرائها من المانيا، واغلب الظن دون أن تطلب ميركيل إذن البيع من اسرائيل)، و20 سفينة صواريخ اخرى مزودة بافضل السلاح الامريكي؛ حاملة طائرات خفيفة ستدخل قريبا، على ما يبدو، في الخدمة العملياتية. ومقابله يوجد الاسطول المصري، وكذا الاسطول اليوناني، واللذين هما اضعف منه. كل هذه المعطيات تلقى المعنى امام ثلاثة سياقات تجري منذ زمن ما في الحوض الشرقي من البحر المتوسط.

​الاول، مكتشفات من مخزونات كبرى من الغاز في الحوض الشرقي من البحر المتوسط واحتمال الثراء الهائل القائم فيها. ومجرد السياق يبعث على السؤال لمن تعود المياه التي يوجد فيها الغاز/النفط. في هذا الاطار يصعد الى المنصة اصطلاح “المياه الاقتصادية”. هذه المياه تعرف كالاراضي البحرية التي يوجد للدولة فيها الحق في استغلال المقدرات الطبيعية على مسافة تبعد حتى نحو 300 كيلو متر عن شواطئها، بقدر ما لا تدخل الى “المياه الاقتصادية” لدولة مجاورة.

​السياق الثاني هو “السيطرة” بالقرصنة من جانب الاتراك. فقد بدأ هذا في أنهم اخذوا ينفذون تنقيبا عن النفط في المياه السيادية لقبرص، في ظل الاستخفاف بالاتحاد الاوروبي. وواصل هذا قبل نحو اسبوعين، حين اعلن الاتراك رسميا عن انهم توصلوا الى اتفاق مع حكومة ليبيا على “مياه اقتصادية” مشتركة تمتد من  تركيا وحتى ليبيا: رواق بحري بطول نحو 700 كيلو متر وبعرض نحو 200 كيلو متر يقطع البحر المتوسط بين قبرص وكريت التي في اليونان. وبعبارة بسيطة: سطا الاتراك على مساحة من “المياه الاقتصادية” من اليونان، من قبرص وايضا القليل من مصر.

​السياق الثالث هو “حرب الدولتين” المتعاظمة في ليبيا، والتي تتقاتل فيها حكومتان الواحدة مع الاخرى. الاولى في طرابلس، في غربي الدولة، والمعترف بها من الامم المتحدة، ومدعومة من الاتحاد  الاوروبي وتتلقى مساعدة عسكرية تركية آخذة في التعاظم. وقعت هذه الحكومة على الاتفاق مع تركيا. اما الثانية، فتسيطر على معظم اراضي الدولة، تتلقى مساعدة عسكرية روسية، وتحظى بدعم من مصر والسعودية. وهي بالطبع لا تعترف بالاتفاق مع الاتراك.

Related Posts

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

شاركت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، على رأس وفد مغربي في قمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة لدول مجموعة العشرين، المنعقدة يومي 24 و25 يونيو 2025 بمدينة جوهانسبورغ،…

الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا يؤكد دعم منظمته لسيادة المغرب ووحدته الترابية.

الرباط – عبّر الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، كاو كيم هورن، عن دعم منظمته الثابت لاحترام سيادة المملكة المغربية ووحدتها الترابية، وذلك خلال زيارة عمل رسمية يقوم…

اترك تعليقاً

You Missed

العرائش: وفاة أحد معتقلي “خلية شمهروش” داخل زنزانته.

العرائش: وفاة أحد معتقلي “خلية شمهروش” داخل زنزانته.

تفكيك خلية إرهابية خطيرة موالية لتنظيم “داعش” بين تطوان وشفشاون.

تفكيك خلية إرهابية خطيرة موالية لتنظيم “داعش” بين تطوان وشفشاون.

زلزال قضائي في عين السبع: الحكم بخمس سنوات سجناً نافذاً على محمد بودريقة بتهم ثقيلة تشمل النصب والتزوير.

زلزال قضائي في عين السبع: الحكم بخمس سنوات سجناً نافذاً على محمد بودريقة بتهم ثقيلة تشمل النصب والتزوير.

عين عتيق: الإطاحة بأخطر مروج للمخدرات بعد عملية أمنية دقيقة.

عين عتيق: الإطاحة بأخطر مروج للمخدرات بعد عملية أمنية دقيقة.

في إطار تعزيز الشراكة الأمنية بين المغرب والإمارات: عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الإماراتي.

في إطار تعزيز الشراكة الأمنية بين المغرب والإمارات: عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الإماراتي.

الجزائر تكمّم أفواه المثقفين وتُجرّم الكلمة الحرة: بوعلام صنصال ضحية جديدة لنظام يخشى الحقيقة.

الجزائر تكمّم أفواه المثقفين وتُجرّم الكلمة الحرة: بوعلام صنصال ضحية جديدة لنظام يخشى الحقيقة.