
هوسبريس ـ عبدالنبي مصلوحي
عرفت التصريحات الأخيرة لعمار سعداني، الأمين العام الأسبق لحزب “جبهة التحرير الجزائرية” التي ينتمي إليها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والتي قال فيها إن الصحراء أرض مغربية، اهتماما إعلاميا واسعا في المنطقة المغاربية، حيث كان هذا التصريح الشجاع لسعداني، مثل صخرة رمى بها في بركة الفضاء المغاربي.
وتصريح عمار سعداني، جاء في سياق أجواء سياسية ليست على مايرام بالنسبة للبوليساريو مع الحليف التقليدي الذي هو الجزائر، بسبب الضغوط الداخلية التي يعيشها، سواء من خلال الاحتجاجات التي تدعو صراحة إلى رفع اليد عن البوليساريو التي تعد أحد أسباب الأزمة التي يعيشها الشعب الجزائري، أو من خلال بعض الشخصيات، مثل سعداني، والتي ترى أنه آن الأوان للتخلص من عبء جبهة البوليساريو، وأن الأموال التي تنفقها الجزائر من أجل هذا الكيان الوهمي، الشعب الجزائري أولى بها.
قبل أربع سنوات، تحدثت الكثير من التقارير عن مبلغ 250 مليار دولار، أنفقها النظام الجزائري لتحقيق مشروع البوليساريو، في وقت تعرف فيه الأوضاع الاجتماعية للشعب حالة متقدمة من التردي وسوء المعيشة رغم أن الدولة تعد من الدول النفطية في المنطقة، ناهيك عما سببه ذلك من تعطيل لعجلة القطار المغاربي، وما يرتبط به من أضرار تنموية في هذا الفضاء .
وهكذا، تنقلب مقولة هواري بومدين، حين قال ذات لقاء مع أنصاره في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ” سأجعل البوليساريو مثل حجرة صغيرة في الحذاء المغربي”…تنقلب هذه المقولة على شعبه، حيث بات واضحا أن الحذاء المغربي كان أكبر من أن تعطله هذه الحجرة الصغيرة، وإنما عطلت الجزائر الذي أفرغ نظامها خزائن شعبه لتظل هي حية في الصحراء الجزائرية.
عمار سعداني الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الحاكم بالجزائر، بقوله إن “الصحراء مغربية وليست شيئا آخر، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين”، و إن “الجزائر التي تدفع أموالا كثيرة للمنظمة التي تُسمى البوليساريو منذ أكثر من 50 سنة، دفعت ثمنًا غاليا جدًا، دون أن تقوم المنظمة بشيء أو تخرجُ من عنق الزجاجة”، كان شجاعا في دق هذا الناقوس ليستفيق الذين مازالوا يفكرون في بلاده في البوليساريو من الحلم الموروث عن بومدين.
إنها صرخة تأتي في وقتها لينشغل النظام الجزائري بشؤون شعبه، عوض الاستمرار في الإنفاق وبعثرة الملايير من الدولارات في سبيل شرذمة مشردة، وجدت ضالتها في التشويش وتهديد استقرار المنطقة، وفي احتجاز عشرات الآلاف من الصحراويين وتحويلهم الى صك تجاري…فهل سيستفيق يتامى هواري بومدين؟