إذا كان الحاضر كئيبا ..فكيف سيكون المستقبل؟

صورة تعبيرية

 

ربيع أبوريشة

رغم ما يمكن أن يقال حول الجهود المبذولة لاحتواء تطلعات الشباب، فإن الواقع لا يزال على حاله. هذه الحقيقية تؤكدها الوقائع التي نعاينها بأعيننا صباح مساء في بلادنا، شباب المغرب، حكم عليه في ظل النسخ الحكومية الأخيرة بالبطالة والإقصاء والتهميش،  بسبب اللاعلاقة الموجودة بين ما تقدمه المنظومة التربوية وبين حاجيات سوق الشغل.

فالسرعة التي أصبح يسير بها سوق الشغل، لم تعد للمدرسة العمومية على وجه الخصوص القدرة على مواكبتها، فهي تبدو إلى جانبه بطيئة ولا يهمها أن تصل في الموعد أو لا تصل، كل همها، هو أنها موجودة والسلام، أي أنها تعلم أبناء المغاربة القراءة والكتابة، و هذا ليس هو المطلوب من التعليم والتكوين الذي يستنزف الجزء الأكبر من الميزانية السنوية للدولة.

منظومة التعليم، في كل بلاد العالم، يلتقي فيها البعد التعليمي بأبعاد أخرى، من جملتها حاجيات سوق الشغل، وبهذا تكون للمدرسة رسالتين، رسالة التعليم والتثقيف، ورسالة التأهيل لسوق الشغل، الذي هو الآخر لا يمكنه أن يتطور بدون عمالة مؤهلة وقادرة على فهم تطلعاته، لتكون المحصلة في النهاية هي التنمية التي تخدم التطور.

هذا الأمر نفتقده نحن في تعليمنا،  لهذا تحولت الجامعة المغربية إلى مجرد مشتل لإنتاج العاطلين،  فهي تبدو وكأنها في خصام مع ما ينتظره منها سوق الشغل.

إن الإنتاج الحالي لتعليمنا بأساتذته ومناهج تدريسه، يبدو أنه يعاني من نقائص جمة، فهناك حالات من الضعف والقصور التي تحول دون اندماج الخريجين في سوق الشغل، ما  يستوجب إعادة تركيب منظومة تعليمية تكون قادرة على فهم حاجيات سوق الشغل، يعني تكون قادرة على المساهمة في حل مشاكل البطالة.

من هنا فالحاجة باتت ملحة اليوم إلى إعادة النظر في نظام التعليم في بلادنا بكل أسلاكه، ويتطلب ذلك في نظري إعادة تأهيل كل عناصر مكونات الإنتاج التعليمي،  وخاصة الجامعي من خلال تكوين وإعادة تكوين الأطر التربوية، وليس بالهروب إلى التعاقد مع مكونين غير مكونين، لأن رجل التعليم هو المسؤول بالدرجة الأولى عن تقديم وإيصال التعليم، وبالتالي إنتاج خريج يكون مسلحا بالأفكار والمهارات التي يطلبها سوق الشغل المطالب بدوره بأن يعيد النظر في تركيبته للسماح بمرونة أكبر وحوافز أوسع على خلق مناصب الشغل لفائدة الخريجين، إلى جانب إصلاحات أخرى، تتصل في بعضها بالبنى التحتية، يجب أن تخرج إلى الوجود،  وإلا ستظل بطالة الخريجين في المغرب قضية قائمة لدى حاملي الشهادات العليا الى يوم الدين.

إن حاضر التعليم في بلادنا بئيس، لسنا سوداويين ولكن المؤشرات لا تبشر بخير…وإذا كان الحاضر كئيبا فكيف سيكون المستقبل؟

Related Posts

التطبيع بين الواقع والمبدأ: حين تتحول السياسة إلى جسر للمساعدة الإنسانية

هوسبريس_خالد غوتي كثيرًا ما نصدر أحكامًا متسرعة على قرارات سياسية كبرى، لأنها لا تنسجم مع قناعاتنا أو مشاعرنا تجاه قضايا عادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومن هذه القرارات، قرار المغرب…

القضية المثيرة للجدل : الاعفاءات بوزارة الأوقاف . الحقيقة الضائعة !!!

    بقلم الدكتور سيدي علي ماء العينين اكادير، غشت 2025. كتب سيدي علي ماء العينين: أتابع بإهتمام كبير النقاش الدائر في الاوساط الدينية المغربية حول إقدام وزارة الأوقاف والشؤون…

اترك تعليقاً

You Missed

الصخيرات.. عمال فندق “لومفتريت” في أسبوعهم الثاني من الاحتجاج: إدارة تتحدى الحكم القضائي والعمال يتوعدون بالتصعيد.

الصخيرات.. عمال فندق “لومفتريت” في أسبوعهم الثاني من الاحتجاج: إدارة تتحدى الحكم القضائي والعمال يتوعدون بالتصعيد.

لويس إنريكي يتجنب دعم حكيمي علناً في سباق الكرة الذهبية.

لويس إنريكي يتجنب دعم حكيمي علناً في سباق الكرة الذهبية.

الصخيرات.. تكرار فيضانات الصرف الصحي يثير استياء الساكنة.

الصخيرات.. تكرار فيضانات الصرف الصحي يثير استياء الساكنة.

مأساة في الجزائر.. مصرع 18 شخصاً إثر سقوط حافلة في وادي الحراش.

مأساة في الجزائر.. مصرع 18 شخصاً إثر سقوط حافلة في وادي الحراش.

وزارة الداخلية تفتح ملفات ثقيلة حول الصفقات العمومية والاختلالات التقنية.

وزارة الداخلية تفتح ملفات ثقيلة حول الصفقات العمومية والاختلالات التقنية.

الوكالة الوطنية للمياه والغابات تحذر من مخاطر الحرائق وتصدر خرائط للمناطق الحساسة.

الوكالة الوطنية للمياه والغابات تحذر من مخاطر الحرائق وتصدر خرائط للمناطق الحساسة.