الزيارة الرسمية للعاهلين الإسبانيين للمغرب.. شراكة متبادلة تعود بالنفع على البلدين

أظهر كل من المغرب وإسبانيا بفضل علاقاتهما المتميزة على الدوام، التزاما قويا وراسخا بالعمل من أجل تكريس شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد، تعود بالنفع على الجانبين، لاسيما في المجالات الحيوية والقطاعات الواعدة بالنسبة للبلدين الجارين.

  وتعكس الزيارة الرسمية التي يقوم بها، صاحبا الجلالة الملك فليبي السادس والملكة لاتيسيا إلى المغرب مرة أخرى تصميم المملكتين على تقوية وتعزيز علاقاتهما النموذجية بشكل دائم على أساس الاحترام المتبادل والتطلعات المشتركة لتحقيق التنمية والرفاه للشعبين المغربي والإسباني.

  كما تؤكد هذه الزيارة من جديد إرادة المملكتين إعطاء نفس جديد للدينامية التي تميز شراكتهما الاستراتيجية ودعم وتعزيز الطابع الخاص لعلاقاتهما المتينة والقوية.

  علاقات ثنائية متميزة تتجلى في العديد من المجالات

  على الصعيد السياسي، هناك غنى وتنوع في الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات الثنائية بأكثر من 100 معاهدة تم إبرامها بين المغرب وإسبانيا .

  كما توفر الاجتماعات رفيعة المستوى التي تعقد بين المغرب وإسبانيا، ومن بينها الاجتماع القادم المقرر في النصف الأول من عام 2019، وكذا المنتدى البرلماني الإسباني المغربي الذي عقدت دورته الرابعة في أبريل عام 2018 بمدريد، إطارا مثاليا لتنمية وتطوير العلاقات السياسية .

  وفي المجال القضائي يعتبر التعاون الثنائي في صلب العلاقات الوثيقة جدا التي تربط بين المغرب وإسبانيا باعتبارهما بلدان جاران وشركاء استراتيجيين حقيقيين.

  وكانت دولوريس ديلغادو وزيرة العدل الإسبانية قد أكدت خلال زيارة قامت بها إلى المملكة شهر أكتوبر الماضي أن ” التعاون القضائي بين المغرب وإسبانيا يرتكز على علاقة الثقة المتبادلة القائمة على أسس متينة من الآليات والمرتكزات ” .

  وعلى المستوى الثقافي تساهم الشراكة بين البلدين في تفاهم متبادل أفضل خاصة عبر تبادل البرامج الثقافية والطلبة بالإضافة إلى اتفاقيات التعاون في مجال التعليم الجامعي .

  كما تشهد المدارس الإسبانية ال 11 وكذا الثانوية الإسبانية العمومية فضلا عن معاهد ( سيرفانتيس ) وعددها ستة المتواجدة بالمغرب على قوة العلاقات الثقافية المغربية الإسبانية .

  وفي نفس السياق تلعب الجالية المغربية الكبيرة التي تعيش في إسبانيا وهي الأولى عدديا من بلد خارج الاتحاد الأوربي دورا هاما في تقوية وتعزيز العلاقات بين البلدين حيث يفوق عدد أفراد هذه الجالية في الوقت الحالي 800 ألف نسمة حسب إحصائيات رسمية بينما لم يكن هذا العدد يتجاوز 75 ألف عام 1996 .

شراكة متبادلة تعود بالنفع على البلدين

 وفي المجال الأمني يرتبط البلدان بعلاقات تعاون وثيقة تشمل العديد من الميادين وتطال مكافحة الإرهاب مرورا بالهجرة غير الشرعية وصولا إلى الجريمة المنظمة وغيرها.

  ويرتكز هذا التعاون، الذي تؤطره اتفاقيات ثنائية تشمل آليات العمل المشترك والتنسيق المستمر الذي يشكل نموذجا يحتدى، على أسس من الثقة التي يعمل الجانبان على تقويتها وتعزيزها بشكل متواصل .

  وقد عززت الاجتماعات المنتظمة وتقاسم الخبرات والتجارب والمعلومات بين الأجهزة الأمنية في البلدين هذا ” التعاون الاستراتيجي والحيوي” ودعمته في المنطقة ككل .

  إن النتائج التي تحققت من حيث التحكم في الهجرة ومكافحة الإرهاب تجعل التعاون بين المغرب وإسبانيا في هذه المجالات نموذجا حقيقيا على المستوى الدولي .

  فقد تم تنفيذ العشرات من العمليات المشتركة المنسقة في الزمان والمكان بهدف تفكيك العديد من المجموعات والخلايا الإرهابية .

  ويشمل التعاون الثنائي النموذجي أيضا تدبير المخاطر الطبيعية حيث يتم إنجاز عمل استثنائي من أجل تجنب الحرائق الكبرى في شمال المغرب وجنوب أسبانيا وهو نفس الأمر الذي يجري في إطار عملية ( مرحبا ) لتدبير تنقل أزيد من 2 مليون من المغاربة المقيمين بالخارج الذين يعبرون الأراضي الإسبانية ومضيق جبل طارق خلال زيارتهم السنوية للمملكة .

  وعلى الصعيد الاقتصادي تعد إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب الذي يعد بدوره ثاني شريك تجاري للبلد الأيبيري خارج الاتحاد الأوربي .

  وبالفعل فقد تجاوزت التدفقات التجارية بين البلدين 14 مليار أورو في عام 2017 وسجلت الصادرات المغربية إلى إسبانيا زيادة قدرت نسبتها ب 10 في المائة خلال العقد الأخير كما يستقطب المغرب 52 في المائة من الاستثمارات الإسبانية الموجهة لإفريقيا، ويشكل أول وجهة إفريقية وعربية للصادرات الإسبانية .

  وقد برزت رؤية أكثر تكاملا ودينامية للعلاقات الاقتصادية الثنائية في السنوات الأخيرة وتمتد الآن إلى مجالات جديدة مثل الاندماج في سلاسل صناعية ذات قيمة مضافة عالية بما في ذلك قطاعات النسيج والإلكترونيات والطاقة والصناعات الغذائية الفلاحية ومؤخرا قطاع السيارات .

  ومع تواجد ما يقرب من 1000 شركة ومقاولة إسبانية في المغرب أضحت المملكة بالنسبة لإسبانيا ثاني دولة تحتضن أكبر عدد من الشركات الإسبانية التي تشتغل في مجال التصدير بما مجموعه 18 ألف و 879 خلال عام 2016 أي ما يمثل نسبة 13 في المائة من مجموع الشركات الإسبانية المصدرة .

  وبفضل كل هذا الزخم المتعدد والمتنوع فإن العلاقات بين المغرب وإسبانيا هي استراتيجية على أكثر من مستوى وفي أكثر من قطاع كما أن للبلدين الجارين انشغالات واهتمامات مشتركة ويواجهان معا تحديات وتهديدات مشتركة وهما عازمان معا بإرادة صلبة وإيمان راسخ على تحويل كل هذه التحديات إلى فرص للتنمية ولتحقيق الازدهار المشترك والمنفعة المتبادلة .

اترك تعليقاً