
في تطور دراماتيكي يعيد خلط أوراق واحدة من أكثر القضايا حساسية على مستوى تدبير الشأن المحلي، قرّر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، محمد الطويلب، التراجع عن قراره السابق بإنهاء التحقيق مع رئيس جماعة إيموزار كندر، مصطفى لخصم، معلناً عن مواصلة البحث التفصيلي في ملف يزداد ثقلاً وتعقيداً يوماً بعد آخر.
القرار الجديد جاء بعد بروز عناصر وصفها مصدر قضائي بـ”النوعية والمثيرة”، من شأنها أن تغير مجرى التحقيق وتدفع به إلى مسارات أكثر عمقاً وتشابكاً، خاصة في ما يتعلق بشبهات تبديد واختلاس أموال عمومية وتوظيف صوري لعمال عرضيين، وهي تهم قد تضع مستقبل لخصم ومن معه على المحك.
القضية التي بدأت كملف تدقيق إداري داخلي، سرعان ما تحولت إلى زلزال قانوني يهز أركان جماعة إيموزار كندر، فوفق معطيات أولية تم تداولها في أروقة المحكمة، فإن ما لا يقل عن 84 عاملاً عرضياً كانوا يتلقون تعويضات وأجوراً شهرية دون أن تطأ أقدامهم مقر الجماعة أو يؤدوا أي مهمة تُذكر، هذا الوضع فجّر غضباً وسط المعارضة داخل المجلس، التي اعتبرت الأمر “نهباً منظماً للمال العام تحت غطاء قانوني هش”.
وكانت المفاجأة الكبرى عندما قرر قاضي التحقيق، بعد أن سبق له إعلان ختم التحقيق، العودة إلى قلب الملف واستدعاء جميع الأطراف مجدداً، محدداً تاريخ 11 غشت موعداً لجولة جديدة من الاستماع تشمل المشتكين وعدداً من المستشارين والموظفين، وحتى الشهود الذين يرجّح أن تكشف أقوالهم جوانب لم تظهر بعد للعلن.
مصادر مطلعة تشير إلى أن الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس لعبت دوراً محورياً في تفكيك خيوط الملف، من خلال تقارير دقيقة استندت إلى وثائق رسمية وشهادات متقاطعة، شملت لخصم وبعض الموظفين الذين يجدون أنفسهم اليوم وجهاً لوجه مع المساءلة.
هذا المنعطف الجديد في قضية لخصم يعيد طرح سؤال جوهري: إلى أي مدى تُحترم قواعد الحكامة والشفافية في تدبير المال العام بالجماعات الترابية؟ وهل يشكّل هذا الملف بداية لتطهير حقيقي أم مجرد زوبعة أخرى سرعان ما تُطوى صفحاتها كما طُويت ملفات مماثلة؟
الشارع المحلي بإيموزار كندر يترقّب، والرأي العام الوطني يتابع بترقّب ما ستسفر عنه تطورات القضية، التي قد تتحوّل من ملف قضائي إلى نقطة فاصلة في معركة تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد في المغرب.