في قلب مدينة تمارة، وعلى بعد كيلومترات قليلة من مقر المؤسسات الكبرى، يعيش مواطن مغربي فصول مأساة قانونية غير مفهومة، بعدما اصطدم حلمه بالعدالة بجدار من الصمت والتجاهل الإداري، رغم توفره على حكم قضائي نهائي، صادر باسم جلالة الملك، وطبقًا للقانون.
ورثة من حي المنزه، عمالة الصخيرات – تمارة، حصلوا على حكم استئنافي من المحكمة الإدارية، يُنصفهم في نزاع طال سنوات، ظنوا لوهلة أن عجلة العدالة المغربية قد أنصفتهم، وأن الدولة الحديثة التي يدعو إليها الملك محمد السادس نصره الله، ستترجم مبادئها في الواقع، لكن القائد الإداري المكلف بالتنفيذ كان له رأي آخر.
رفض التنفيذ، بلا تبرير، بلا تعليل، فقط… لا.
هذا الرفض لم يكن مجرد سلوك إداري عابر، بل صفعة على وجه القانون، وإهانة لهيبة القضاء، وتحدٍ صريح لتوجيهات ملك البلاد التي لطالما شددت على ضرورة احترام الأحكام القضائية وتنفيذها دون تسويف.
“من يُحاسب من إذا أصبحت الإدارة هي الخصم والحكم؟ من يوقف العبث حين تتحول تعليمات ملكية سامية إلى شعارات لا تطبق؟”
بهذه الكلمات المليئة بالمرارة، تساءل المتضرر، الذي طرق أبواب وزارة الداخلية، ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة، عمالة الصخيرات تمارة، المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وحتى النيابة العامة… دون جدوى.
الصمت كان سيد الموقف، والحق ظلّ حبيس الرفوف.
القضية تتجاوز فردًا، وتتعلق بمبدأ دستوري أساسي: أن الأحكام القضائية تُنفذ باسم جلالة الملك، وأن عدم تنفيذها يُعد عصيانًا مزدوجًا، للقضاء من جهة، وللإرادة الملكية من جهة أخرى.
فهل أصبحت بعض الإدارات فوق القانون؟ ومن يحمي المسؤول الذي يرفض تنفيذ حكم باسم الملك؟
الواقعة تطرح أسئلة محرجة حول مصير دولة الحق والقانون، وتُعيد إلى الواجهة مأزق الانفصام بين الخطاب والممارسة، فبقدر ما يتحدث الملك عن القرب من المواطن، تُغلق أبواب الإدارة في وجهه، وبقدر ما يُكرّس الدستور سلطة القضاء، تُداس أحكامه بأقدام من لا يخشون المساءلة.
وفي انتظار صحوة ضمير من الجهات المعنية، يواصل المواطن صراعه، مؤمنًا بأن صوت الحق، وإن خُنق اليوم، لا بد أن يجد غدًا من يسمعه ويُنصفه.