دوري أبطال أوروبا.. باشاك شهير-باريس سان جرمان بنكهة سياسية

هوسبريس ـ متابعة

في أي يوم عادي، كان من المفترض أن تكون زيارة باريس سان جرمان إلى تركيا روتينية، لكن المواجهة التي تجمع نادي العاصمة الفرنسية بباشاك شهير غدا الأربعاء في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثامنة لدوري أبطال أوروبا، ستكون سياسية بامتياز في ظل الأزمة القائمة حاليا بين رئيسي البلدين.

وما يزيد من الثقل السياسي لهذه المباراة بين الفريق الفرنسي الذي وصل الموسم الماضي الى النهائي للمرة الأولى في تاريخه، ومضيفه التركي الذي يخوض باكورة مشاركاته في المسابقة القارية الأم، أن الأخير يعد فريق رئيس البلاد رجب طيب أردوغان الذي يخوض حربا إعلامية مع نظيره إيمانويل ماكرون على خلفية تصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الإسلام.

وفي تصريحاته بعد مقتل المدرس صامويل باتي بقطع رأسه لعرضه رسوما كاريكاتورية تظهر النبي محمد على طلابه أثناء درس تتناول حرية التعبير، تعه د ماكرون أن فرنسا “لن تتخلى عن رسوم الكاريكاتور” وقال إن باتي “قتل لأن الإسلاميين يريدون الاستحواذ على مستقبلنا”.

لكن إردوغان دعا ماكرون السبت الماضي للخضوع “لفحوص لصحته العقلية” جراء معاملته “الملايين من أتباع ديانات مختلفة بهذه الطريقة”، في تصريحات دفعت باريس لاستدعاء سفيرها لدى أنقرة.

وكرر الرئيس التركي تصريحاته الأحد متهما ماكرون بأنه “مهووس بإردوغان ليل نهار”.

وبعدما افتتح مغامرته الأولى في دوري الأبطال بالخسارة أمام لايبزيغ الألماني صفر-2، يتوجب على باشاك شهير الآن مواجهة سان جرمان ونجومه الكبار، أمثال كيليان مبابي والبرازيلي نيمار، مع الأمل في أن يوجه صفعة لممثل العاصمة الفرنسية “نيابة” عن إردوغان.

ورغم الفوارق الفنية الهائلة بين الفريقين، يؤكد حسين أفجيلار، أحد رؤساء مجموعة المشجعين الألتراز “باشاك شهير 1453″، لوكالة فرانس برس “سنقدم كل ما لدينا في هذه المباراة، وحتى وإن كان أمامنا عملاق في الكرة العالمية. نحن نؤمن بأنفسنا”.

الصعود الصاروخي لباشاك شهير هز التسلسل الهرمي لكرة القدم التركية التي سيطر عليها في العقود الأخيرة “عمالقة اسطنبول” الثلاثة غلطة سراي، فنربغشه وبشكتاش.

وبات باشاك شهير خامس ناد فقط يفوز بالبطولة التركية منذ عام 1984، وذلك نتيجة احتكار عمالقة اسطنبول للقب باستثناء مرة واحدة منذ 1984 حين انتزعه بورصة سبور في 2010.

بالنسبة لمنتقديه، يدين باشاك شهير بنجاحه الى الدعم الحكومي والقوة المالية للشركات والجهات الراعية المقربة من حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ بزعامة الرئيس إردوغان.

ووصل التقارب بين مسؤولي النادي والسلطة الحاكمة لدرجة أن بعض مشجعي الأندية المنافسة أطلقوا على الفريق تسمية “إف سي إردوغان”.

تم إنشاء النادي في التسعينات من قبل بلدية اسطنبول، ثم بيع في 2014 لشركات قريبة من السلطة. الراعي الرئيسي للنادي هو “ميديبول”، مجموعة مستشفيات خاصة يرأسها وزير الصحة الحالي.

النادي بصيغته الحالية انتقل من اسطنبول الى باشاك شهير، وهي إحدى مديريات المستوى الثاني في اسطنبول الكبرى ويعتبرها إردوغان واجهة لـ “تركيا الجديدة” التي يروج لها كدولة محافظة وغير مقيدة.

لم يتردد إردوغان في ارتداء قميص النادي عند افتتاح ملعبه الجديد عام 2014، حيث شارك في مباراة احتفالية سجل فيها ثلاثية لا تنسى ضد مدافعين بدا عليهم الحذر في طريقة الدفاع على رئيس البلاد.

في بلد حيث الارتباط وثيق بين كرة القدم والأعمال والحكومة، فإن تأسيس باشاك شهير بعد عام من احتجاجات غيزي الضخمة المناهضة للحكومة والتي لعب فيها المشجعون الألتراز لأندية إسطنبول دورا رئيسيا، يحمل معه معنى سياسيا.

ورأى أحد المشجعين الألتراز لنادي بشكتاش من دون الكشف عن هويته خوفا من فقدان وظيفته في القطاع العام، أنه “خلال (التظاهرات المناهضة لهدم ساحة) غيزي، تمكنوا من رؤية القوة السياسية للجماهير. باشاك شهير هو مشروع لإنشاء نموذج ناد تحت السيطرة”.

بالإضافة إلى علاقته الوطيدة بالسلطة، يدين باشاك شهير بنجاحه الرياضي قبل كل شيء الى تنظيم صارم ونموذج اقتصادي يتناقض مع الأندية الأخرى التي يقودها رؤساء منتخبون يعملون على الإنفاق المبالغ به في كثير من الأحيان من أجل إرضاء الجماهير.

إن نجاح نموذج باشاك شهير في مواجهة منافسين على وشك الانهيار المالي، تحقق لأن النادي ي دار “بطريقة أكثر احترافية” من قبل مجلس إدارة، مثل شركة، “بإستراتيجية طويلة الأمد” بحسب ما أشار إمري ساريغول، الشريك المؤسس لموقع “توركيش فوتبول” المتخصص.

بالنسبة لأفجيلار، فالنادي يعتمد أيضا “سياسة انتقالات مدروسة” ما يساهم في نجاحه، وذلك خلافا للأندية المنافسة التي تتهافت من أجل التوقيع مع نجوم كبار في نهاية مسيرتهم الكروية مقابل مبالغ مالية ضخمة.

على أرض الملعب، يعتمد باشاك شهير على مزيج من المواهب التركية مثل عرفان جان قهوجي، وأجانب من اللاعبين المكافحين مثل البوسني إدين فيشكا أو مخضرمين يعرفون الكرة الأوروبية جيدا مثل لاعب ليون الفرنسي السابق البرازيلي رافايل أو المهاجم الفرنسي إنزو كريفيلي.

لكن رغم نجاحه الرياضي، لا يزال باشاك شهير يكافح من أجل إثبات نفسه على أنه “العملاق الرابع” في اسطنبول، كما أنه غير قادر حتى الآن على ملء مدرجات ملعبه لأكثر من الربع.

بعد الفوز باللقب في تموز/يوليو الماضي، احتفل اللاعبون على متن الحافلة في شارع شبه فارغ، ما دفع بساريغول للقول إنه “يتطلب الأمر الكثير من الجهد من باشاك شهير لبناء ثقافة كرة القدم ولكي يتم القبول به كمنافس حقيقي من قبل +الثلاثة الكبار+. سيستغرق الأمر جيلا على الأقل”.

لكن لا شيء يثبط عزيمة أفجيلار ومجموعته من المشجعين لأن “شعارنا هو: +النصر يتحقق ليس للذين هم الأكثر عددا، بل للذين يؤمنون به أكثر من غيرهم+”.

Related Posts

ياسين بونو يتألق كعادته ويُتوّج بجائزة رجل المباراة في كأس العالم للأندية رغم تعادل الهلال مع سالزبورغ.

في ليلة كروية شهدت تألقًا استثنائيًا من الحارس المغربي ياسين بونو، نجح نجم الهلال السعودي في لفت الأنظار وخطف الأضواء خلال المباراة التي جمعت فريقه بنادي ريد بول سالزبورغ النمساوي،…

اترك تعليقاً

You Missed

القصر الكبير: تعيين جديد على رأس مصلحة شرطة المرور…. الضابط مصطفى الشاوي أمام تحديات كبرى.

القصر الكبير: تعيين جديد على رأس مصلحة شرطة المرور…. الضابط مصطفى الشاوي أمام تحديات كبرى.

قصف إرهابي على السمارة يكشف الوجه الدموي للبوليساريو.. والجزائر في قفص الاتهام.

قصف إرهابي على السمارة يكشف الوجه الدموي للبوليساريو.. والجزائر في قفص الاتهام.

إحباط مخطط إرهابي خطير في الرباط بتنسيق مغربي-فرنسي.

إحباط مخطط إرهابي خطير في الرباط بتنسيق مغربي-فرنسي.

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

طرفاية: مدير متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري يسلط الضوء على تاريخ المتحف ومكانته الرمزية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

خريطة المغرب الكاملة ترفرف في قمة الرقابة المالية بجنوب إفريقيا: إشعاع دبلوماسي ورسائل قوية.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.

المغرب يتولى رئاسة لجنة أممية للفضاء بفيينا بدعم إفريقي بالإجماع.